للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك، فجعَل الصَّائِغُ يُردِّدُ عليه المَسألةَ وعَبدُ اللَّهِ يَنهاه، حتى انتَهَى إلى بابِ المَسجِدِ، أو إلى دابَّةٍ يُريدُ أنْ يَركَبَها، ثم قالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ: الدِّينارُ بالدِّينارِ، والدِّرهَمُ بالدِّرهَمِ، لا فَضلَ بينَهما، هذا عَهدُ نَبيِّنا إلينا، وعَهدُنا إليكم» (١).

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : وأجمَعَ العُلماءُ على أنَّ الذَّهبَ تِبرَه وعَينَه سَواءٌ، لا يَجوزُ التَّفاضُلُ في شَيءٍ مِنه، وكذلك الفِضَّةُ بالفِضَّةُ تِبرُها وعَينُها، ومَصنوعُ ذلك كُلِّه ومَضروبُه لا يَحِلُّ التَّفاضُلُ في شَيءٍ مِنه، وعلى ذلك مَضى السَّلَفُ مِنْ العُلماءِ والخَلَفُ إلَّا شَيئًا يَسيرًا يُروَى عن مُعاويةَ … والسُّنةُ المُجتَمَعُ عليها مِنْ نَقلِ الآحادِ ونَقلِ الكافَّةِ خِلافُ ما كانَ يَذهَبُ إليه مُعاويةُ (٢).

وقالَ أيضًا: الحَديثُ في الصَّرفِ مَحفوظٌ لِعُبادةَ ، وهو الأصلُ الذي عَوَّلَ عليه العُلماءُ في بابِ الرِّبا، ولَم يَختَلِفوا أنَّ فِعلَ مُعاويةَ في ذلك غيرُ جائِزٍ، وأنَّ بَيعَ الذَّهبِ بالذَّهبِ والفِضَّةِ بالفِضَّةِ لا يَجوزُ، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، تِبرِهما وعَينِهما ومَصوغِهما، وعلى أيِّ وَجْهٍ كانَتْ (٣).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وأجمَعَ الجُمهورُ على أنَّ مَسكوكَه وتِبرَه ومَصوغَه سَواءٌ في مَنعِ بَيعِ بَعضِه ببَعضٍ مُتفاضِلًا؛ لِعُمومِ الأحاديثِ (٤).


(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٣٠٠)، والبيهقي في «الكبرى» (١٠٢٦٩).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٣٤٧، ٣٤٨).
(٣) «التمهيد» (٤/ ٨٣).
(٤) «بداية المجتهد» (٣/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>