للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الخطَّابيُّ : التِّبرُ قِطَعُ الذَّهبِ والفِضَّةِ قبلَ أنْ تُضرَبَ وتُطبَعَ دَراهِمَ أو دَنانيرَ، واحِدَتُها تِبرةٌ، والعَينُ: المَضروبُ مِنْ الدَّراهِمِ أو الدَّنانيرِ، وقد حرَّم رَسولُ اللَّهِ أنْ يُباعَ مِثقالُ ذَهَبٍ عُيِّنَ بمِثقالٍ، وشَيءٌ مِنْ تِبرٍ غيرِ مَضروبٍ، وكذلك حرَّم التَّفاوُتَ بينَ المَضروبِ مِنْ الفِضَّةِ وغيرِ المَضروبِ مِنها، وذلك مَعنَى قَولِه : «تِبرُها وعَينُها سَواءٌ» (١).

وعَن زَيدِ بنِ أسلَمَ عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ أنَّ مُعاويةَ بنَ أبِى سُفيانَ باعَ سِقايةً مِنْ ذَهَبٍ، أو مِنْ وَرِقٍ بأكثَرَ مِنْ وَزنِها، فقالَ له أبو الدَّرداءِ: سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ يَنهَى عن مِثلِ هذا، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ. فقالَ مُعاويةُ: ما أرَى بهذا بَأْسًا. فقالَ له أبو الدَّرداءِ: مَنْ يَعذِرُني مِنْ مُعاويةَ؟ أُخبِرُه عن رَسولِ اللَّهِ ويُخبِرُني عن رَأْيِه، لا أُساكِنُكَ بأرضٍ أنتَ بها. ثم قَدِمَ أبو الدَّرداءِ على عمرَ بنِ الخطَّابِ، فذكَر له ذلك، فكتَب عمرُ إلى مُعاويةَ: ألَّا يَبيعَ ذلك إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، وَزنًا بوَزْنٍ» (٢)، ولأنَّهما تَساوَيا في الوَزنِ فلا يُؤثِّرُ اختِلافُهما في القِيمةِ كالجَيِّدِ والرَّديءِ.

وعَن مُجاهِدٍ أنَّه قالَ: كُنْتُ مع عَبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ فجاءَه صائِغٌ، فقالَ له: يا أبا عَبدِ الرَّحمَنِ، إنِّي أصوغُ الذَّهبَ ثم أبيعُ الشَّيءَ مِنْ ذلك بأكثَرَ مِنْ وَزنِه، فأستَفضِلُ مِنْ ذلك قَدْرَ عَمَلِ يَدي، فنَهاه عَبدُ اللَّهِ


(١) «معالم السنن» (٥/ ٢٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٣٠٢)، والشافعي في «مسنده» (١/ ٢٤٢)، والنسائي (٤٥٧٢)، وابن ماجه (١٨)، والبيهقي في «الكبرى» (١٠٨٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>