للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن اللَّيثِ عن يَزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ وعُبَيدِ اللَّهِ بنِ أبي جَعفَرٍ قالَ: وشُيوخُنا كُلُّهم كانوا يَكرَهونَ صَرفَ الفُلوسِ بالدَّنانيرِ والدَّراهِمِ إلَّا يَدًا بيَدٍ.

وقالَ ابنُ وَهبٍ: قالَ يَحيَى بنُ أيُّوبَ: قالَ يَحيَى بنُ سَعيدٍ: إذا صَرَفتَ دِرهَمًا فُلوسًا فلا تُفارِقْه حتى تَأخُذَها كُلَّها (١).

قالَ القُرطُبيُّ : واختَلَفتِ الرِّوايةُ عن مالِكٍ في الفُلوسِ، فألحَقَها بالدَّراهِمِ مِنْ حيثُ كانَتْ ثَمَنًا لِلأشياءِ، ومنَع مِنْ إلحاقِها مَرَّةً مِنْ حيثُ إنَّها ليسَتْ ثَمَنًا في كلِّ بَلَدٍ، وإنَّما يَختَصُّ بها بَلَدٌ دونَ بَلَدٍ (٢).

وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : قالَ مالِكٌ: لا يَجوزُ بَيعُ فِلسٍ بفِلسَيْنِ يَدًا بيَدٍ، فجعَل الفُلوسَ ههُنا كالذَّهبِ، أو كالفِضَّةِ، وقالَ: لا بَأسَ ببَيعِ الفُلوسِ بالذَّهبِ والوَرِقِ، فإنْ لَم يَتقايَضا جَميعًا حتى افتَرَقا أكرَهُه، وأفسَخُ البَيعَ فيه، ولا أراه كتَحريمِ الدَّنانيرِ والدَّراهِمِ.

وقَولُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ الحَسَنِ في بَيعِ فِلسٍ بفِلسَيْنِ كقَولِ مالِكٍ، وهو قَولُ مُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ، وقالَ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ: لا بَأْسَ ببَيعِ فِلسٍ بفِلسَيْنِ، وهو قَولُ الشافِعيِّ (٣).

وقالَ ابنُ تَيميَّةَ : الأظهَرُ المَنعُ مِنْ ذلك، فإنَّ الفُلوسَ النَّافِقةَ يَغلِبُ عليها حُكمُ الأثمانِ، وتُجعَلُ مِعيارًا لِأموالِ النَّاسِ.


(١) «المدونة الكبرى» (٨/ ٣٩٥، ٣٩٦).
(٢) «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٥١).
(٣) «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>