للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِهذا يَنبَغي لِلسُّلطانِ أنْ يَضربَ لَهم فُلوسًا تَكونُ بقِيمةِ العَدلِ في مُعامَلاتِهم مِنْ غيرِ ظُلمٍ لَهُمْ (١).

فالنَّقدُ هو كلُّ شَيءٍ يَجري اعتِبارُه في العادةِ أو الِاصطِلاحِ، بحيثُ يَلقَى قَبولًا عامًّا كَوَسيطٍ لِلتَّبادُلِ، كما أشارَ إلى ذلك شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ، حيثُ قالَ أيضًا: وأمَّا الدِّرهَمُ والدِّينارُ فما يُعرَفُ له حَدٌّ طَبعيٌّ، ولا شَرعيٌّ، بَلْ مَرجِعُه إلى العادةِ والِاصطِلاحِ، وذلك لأنَّه في الأصلِ لا يَتعلَّقُ المَقصودُ به، بَلِ الغَرَضُ أنْ يَكونَ مِعيارًا لِما يَتعامَلونَ به، والدَّراهِمُ والدَّنانيرُ لا تُقصَدُ لِنَفسِها، بَلْ هي وَسيلةٌ إلى التَّعامُلِ بها، ولِهذا كانَتْ أثمانًا، بخِلافِ سائِرِ الأموالِ، فإنَّ المَقصودَ الِانتِفاعُ بها نَفْسِها؛ فلِهذا كانَتْ مَقدَّرةً بالأُمورِ الطَّبعيةِ أو الشَّرعيةِ والوَسيلةِ المَحضةِ التي لا يَتعلَّقُ بها غَرَضٌ، لا بمادَّتِها ولا بصُورَتِها يَحصُلُ بها المَقصودُ كَيفَما كانَتْ (٢).

وقالَ المِرداويُّ : قالَ في الفُروعِ: بَيعُ فِلسٍ بفِلسَيْنِ فيه رِوايَتانِ مَنصوصتانِ، وأطلَقَهما في التَّلخيصِ والفُروعِ، إحداهما: لا يَجوزُ التَّفاضُلُ، نصَّ عليه في رِوايةِ جَماعةٍ، قدَّمه في الحاوي الكَبيرِ والمُستَوعِبِ، والرِّوايةُ الأُخرى: يَجوزُ التَّفاضُلُ.

فعلى هذه الرِّوايةِ لو كانَتْ نافِقةً هل يَجوزُ التَّفاضُلُ فيها؟ على وَجهَيْنِ وأطلَقَهما في التَّلخيصِ والفُروعِ، إحداهما: لا يَجوزُ، جَزَمَ به أبو الخطَّابِ في خِلافِه الصَّغيرِ، وقدَّمه في الحاوي الكَبيرِ والمُستَوعِبِ، والوَجهُ الآخَرُ:


(١) «الاستذكار» (٦/ ٤٤٦).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٥١، ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>