للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِطَلحةَ: «واللهِ لا تُفارِقُه حتى تأخُذَ»، وقالَ أيضًا: «ولو استَنظَرَكَ إلى أنْ يَلِجَ بَيتَه فلا تُنظِرْه»، فدَلَّ على المُفارَقةِ بالأبدانِ (١).

وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ أيضًا في «الكافي»: ولا يَجوزُ في شَيءٍ مِنْ الصَّرفِ تَأخيرُ ساعةٍ فما فَوقَها، ولا أنْ يَتَوارَى أحَدُهما عن صاحِبِه قبلَ التَّقابُضِ، ولا تَجوزُ فيه حَوالةٌ ولا ضَمانٌ ولا خِيارٌ ولا عِدَةٌ ولا شَيءٌ مِنْ النَّظِرةِ، ولا يَجوزُ إلَّا هاءَ وهاءَ، ويَتقابَضانِ في مَجلِسٍ واحِدٍ، ووَقتٍ واحِدٍ.

ولا يَجوزُ عندَ مالِكٍ الصَّرفُ على ما ليسَ عندَكَ، ولا على ما ليسَ حاضِرًا مَعَكَ، وإنْ حضَره قبلَ التَّفريقِ، ووَجْهُ الصَّرفِ عندَ مالِكٍ أنْ يُخرِجَ كلُّ واحِدٍ مِنْ المُتصارِفَيْنِ العَينَ التي يُريدُ بَيعَها مِنْ صاحِبِه ويَتقابَضا، ثم يَفترِقا ولا تَبِعةَ بينَهما، فإنْ تَأخَّرَ بَعضُ الصَّرفِ لَم يَصحَّ المَقبوضُ مِنه عندَ مالِكٍ، وبطَل الجَميعُ إذا كانَ صَفقةً واحِدةً.

ومَن اصطَرَفَ دَراهِمَ فنَقَصتْ دِرهَمًا فأرادَ صاحِبُه أنْ يُسلِفَه ذلك الدِّرهَمَ لِيُتِمَّ به الصَّرفَ بينَهما ويَكونَ له ذلك دَيْنًا عليه يَتبَعُه به لَم يَجُزْ، ولو وهَب له ذلك الدِّرهَمَ بعدَ ذلك، إذا عَلِمَ أنَّه لا يَجوزُ، لَم يَجُزْ ذلك أيضًا، ولا بدَّ أنْ يَتناقَضَ الصَّرفُ ويَرجِعَ كلُّ واحِدٍ مِنهما بما نقَد، ومِثلُه إنِ افتَرَقَ المُصطَرِفانِ بعدَ تَمامِ أمْرِهما على وَجهِه، ووجَد أحَدُهما نَقصًا فيما قبَضه نُقصانًا مِنْ حَقِّه، فإنْ طَلَبَ التَّمامَ انتَقَضَ صَرفُه بقَبضِه له، وإنْ رَضيَ بالنُّقصانِ صَحَّ صَرفُه، وكذلك لو وجَد فيما قبَض مِنْ صاحِبِه رَدِيًّا وأقَرَّ له


(١) «الاستذكار» (٦/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «البيان والتحصيل» (٦/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>