وجَهْلُ أحَدِهما -أي: العاقِدَيْنِ- كجَهلِهِما على المَذهبِ، سَواءٌ عَلِمَ العالِمُ مِنهُما بجَهلِ الجاهِلِ أو لا، فمتى حصَل الجَهلُ بأحَدِ العِوضَيْنِ مِنْ المُتبايِعَيْنِ أو مِنْ أحَدِهما فسَد البَيعُ.
وقيلَ: لا يَكونُ البَيعُ فاسِدًا إلَّا إذا جَهِلَا مَعًا قَدْرَ المَبيعِ أو صِفَتَه، أو جَهِلَ ذلك أحَدُهما، وعَلِمَ الآخَرُ بجَهلِه، وتَبايَعا على ذلك، وأمَّا إذا عَلِمَ ذلك أحَدُهما، وجَهِلَ الآخَرُ، ولَم يَعلَم بجَهلِه، فليسَ ببَيعٍ فاسِدٍ، وإنَّما هو في الحُكمِ كَبَيعِ غِشٍّ، وخَديعةٍ، يَكونُ الجاهِلُ مِنهما إذا عَلِمَ مُخيَّرًا بينَ إمضاءِ البَيعِ أو رَدِّهِ (١).
وأمَّا الشافِعيَّةُ فقالوا: يُشترَطُ في المَبيعِ أنْ يَكونَ مَعلومًا لِلمُتعاقدَيْنِ، فلا يَصحُّ البَيعُ إذا كانَ في المَبيعِ أو الثَّمنِ جَهالةٌ لَدَى العاقِدَيْنِ أو أحَدِهما، تُفْضِي في الأغلَبِ إلى النِّزاعِ والخُصومةِ، لأنَّ في ذلك غَرَرًا، وقد نهَى النَّبيُّ ﷺ عن بَيعِ الغَرَرِ، فلا يَصحُّ بَيعُ ما يَجهَلُه العاقِدانِ أو أحَدُهما،
(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٤/ ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٨٨، ٢٨٩)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٨٣، ٨٤)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٧٢)، و «شرح الزرقاني على مختصر خليل» (٥/ ٤١)، و «منح الجليل» (٤/ ٤٦٥).