للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَيانُه في مَسائِلَ: إذا قالَ بِعتُكَ شاةً مِنْ هذا القَطيعِ أو ثَوبًا مِنْ هذا العِدلِ فالبَيعُ فاسِدٌ؛ لأنَّ الشاةَ مِنْ القَطيعِ والثَّوبَ مِنْ العِدلِ مَجهولانِ جَهالةً مُفضيةً إلى المُنازَعةِ؛ لِتَفاحُشِ التَّفاوُتِ بينَ شاةٍ وشاةٍ، وثَوبٍ وثَوبٍ، فيوجِبُ فَسادَ البَيعِ، فإنْ عَيَّنَ البائِعُ شاةً أو ثَوبًا وسلَّمه إليه ورَضيَ به جازَ، ويَكونُ ذلك ابتِداءَ بَيعٍ بالمُراضاةِ، ولأنَّ البِايعاتِ لِلتَّوسُّلِ إلى استِيفاءِ النُّفوسِ إلى انقِضاءِ آجالِها، والتَّنازُعَ يُفضي إلى التَّفاني، فيَتناقَضُ، ولأنَّ الرِّضا شَرطُ البَيعِ، والرِّضا لا يَتعلَّقُ إلَّا بالمَعلومِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا بدَّ مِنْ كَونِ الثَّمنِ والمُثمَّنِ مَعلومَيْنِ لِلبائِعِ والمُشتَرِي وإلَّا فسَد البَيعُ.

فَإنْ جُهِلَ الثَّمنُ أو المُثمَّنُ، أو جُهِلَ قَدْرُه أو صِفَتُه فسَد البَيعُ.

وله أحوالٌ:

١ - إمَّا أنْ يَكونَ مَجهولًا جُملةً وتَفصيلًا: كبَيعِ ما في بَيتٍ أو حانوتٍ أو ما وَرِثَه أو ما وُهِبَ له، وهُما لا يَعلَمانِه، فهذا لا يَصحُّ.

٢ - وإمَّا أنْ يَكونَ مَعلومًا جُملةً ومَجهولًا تَفصيلًا: كما إذا ابتاعَ عَبدَيْنِ لِرَجلَيْنِ صَفقةً واحِدةً، ولَم يُعيِّنْ لِكُلِّ عَبدٍ مِنهُما ما يَخُصُّه، فجُملَتُه مَعلومةٌ، وتَفصيلُه مَجهولٌ، وهذا أيضًا لا يَصحُّ، ويُمنَعُ، ويَفسُدُ العَقدُ.

٣ - وإمَّا أنْ يَكونَ مَجهولًا جُملةً ومَعلومًا تَفصيلًا، فلا يَفسُدُ البَيعُ، بَلْ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٥٦، ١٥٧)، و «مجمع البحرين» (٢٥٩)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>