للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - أنْ يَكونَ المَبيعُ والثَّمنُ مَعلومَيْنِ لِلمُتعاقدَيْنِ:

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ أنْ يَكونَ المَبيعُ والثَّمنُ مَعلومَيْنِ لِلعاقِدَيْنِ، عِلمًا يَمنَعُ مِنْ المُنازَعةِ والخُصومةِ؛ لأنَّ في ذلك غَرَرًا، وقد نهَى النَّبيُّ عن بَيعِ الغَرَرِ؛ فلا يَصحُّ بَيعُ ما يَجهَلُه العاقِدانِ أو أحَدُهما، ولا جَعلُه ثَمَنًا، فإنْ كانَ أحَدُهما مَجهولًا جَهالةً مُفضيةً إلى المُنازَعةِ، كبِعتُكَ شاةً مِنْ هذا القَطيعِ، أو ثَوبًا مِنْ هذا العِدْلِ، فالبَيعُ فاسِدٌ؛ لأنَّ الشاةَ مِنْ القَطيعِ والثَّوبِ مِنْ العِدلِ مَجهولانِ جَهالةً مُفضيةً إلى المُنازَعةِ؛ لِتَفاحُشِ التَّفاوُتِ بينَ شاةٍ وشاةٍ، وثَوبٍ وثَوبٍ، فيُوجِبُ فَسادَ البَيعِ، وهذا القَدْرُ مُتَّفقٌ عليه بينَ العُلماءِ.

إلَّا أنَّهم اختَلَفوا فيما إذا كانَتِ الجَهالةُ يَسيرةً، لا تُفضي إلى المُنازَعةِ في الأغلَبِ، هل يَصحُّ أو لا؟ وكذا هل يُشترَطُ العِلمُ بالمَبيعِ مِنْ كلِّ وَجْهٍ أو لا؟ وكذلك اختَلَفوا في البَيعِ بالصِّفةِ أو الرُّؤيةِ المُتقدِّمةِ، هل يَصحُّ أو لا؟ على تَفصيلٍ في ذلك في كلِّ مَذهبٍ بَيانُه كالتَّالي:

قالَ الحَنفيَّةُ: يُشترَطُ أنْ يَكونَ المَبيعُ مَعلومًا، وثَمَنُه مَعلومًا عِلمًا يَمنَعُ مِنْ المُنازَعةِ، فإنْ كانَ أحَدُهما مَجهولًا جَهالةً مُفضيةً إلى المُنازَعةِ فسَد البَيعُ، وإنْ كانَ مَجهولًا جَهالةً لا تُفضي إلى المُنازَعةِ لا يَفسُدُ؛ لأنَّ الجَهالةَ إذا كانَتْ مُفضيةً إلى المُنازَعةِ كانَتْ مانِعةً مِنْ التَّسليمِ والتَّسلُّمِ؛ فلا يَحصُلُ مَقصودُ البَيعِ، وإذا لَم تَكُنْ مُفضيةً إلى المُنازَعةِ لا تَمنَعُ مِنْ ذلك، ويَحصُلُ المَقصودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>