ما أمكَنَ، وقد أمكَنَ حَملُه على الأحسَنِ هَهُنا، وقد قصَد البِرَّ به والإحسانَ إليه بالإعانةِ على ما هو خَيرٌ لِلمالِكِ في زَعمِه؛ لِعِلمِه بحاجَتِه إلى ذلك، لكنْ لَم يَتبيَّنْ إلى هذه الحالةِ؛ لِمَوانِعَ، وقد يَغلِبُ على ظَنِّه زَوالُ المانِعِ، فأقدَمَ عليه؛ نَظَرًا لِصِدقِه، وإحسانًا إليه؛ لِبَيانِ المَحمَدةِ والثَّناءِ؛ لِتَحمُّلِ مُؤنةِ مُباشَرةِ التَّصرُّفِ الذي هو مُحتاجٌ إليه، والثَّوابِ مِنْ اللَّهِ ﷾ بالإعانةِ على البِرِّ والإحسانِ، قالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، وقالَ تَعالى وجَلَّ شَأنُه: ﴿وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ١٩٥]، إلَّا أنَّ في هذه التَّصرُّفاتِ ضَرَرًا في الجُملةِ؛ لأنَّ لِلنَّاسِ رَغائِبَ في الأعيانِ، وقد يُقدِمُ الرَّجُلُ على شَيءٍ ظَهَرتْ له الحاجةُ عنه بإزالَتِه عن مِلْكِه؛ لِحُصولِ غَرَضِه بدُونِ ذلك، ونَحوِ ذلك، فيَتوقَّفُ على إجازةِ المالِكِ حتى لو كانَ الأمْرُ على ما ظَنَّه مُباشِرُ التَّصرُّفِ إجازةً، وحصَل له النَّفعُ مِنْ جِهَتِه، فيَنالُ الثَّوابَ والثَّناءَ، وإلَّا فلا يُجيزُه، ويُثني عليه بقَصدِ الإحسانِ، وإيصالِ النَّفعِ إليه، فلا يَجوزُ القَولُ بإهدارِ هذا التَّصرُّفِ وإلحاقِ كَلامِه وقَصدِه بكَلامِ المَجانينِ وقَصدِهم، مع نَدْبِ اللَّهِ ﷾ إلى ذلك، وحَثِّه عليه؛ لِما تَلَوْنا مِنْ الآياتِ، فمَن باعَ مِلْكَ غيرِه بغيرِ أمْرِه فالمالِكُ بالخِيارِ، إنْ شاءَ رَدَّه وإنْ شاءَ أجازَ، إذا كانَ المَعقودُ عليه باقيًا، والمُتبايِعانِ بحالِهما، ولا يَجوزُ لِلمُشتَرِي التَّصرُّفُ فيه قبلَ الإجازةِ، سَواءٌ قبَضه أو لَم يَقبِضْه، وقَبْضُ المالِكِ الثَّمنَ دَليلٌ على إجازَتِه.