للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الأوَّلُ: أنَّ بَيعَ الفُضوليِّ وتَصرُّفَه لا يَنفُذُ، لكنَّه مُنعقِدٌ ومُتوقِّفٌ على إجازةِ المالِكِ، وهو قَولُ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشافِعيِّ في القَديمِ وأحمدَ في رِوايةٍ؛ لِحَديثِ عُروةَ البارِقيِّ: أنَّ النَّبيَّ أعطاه دِينارًا يَشتَري له به شاةً، فاشتَرَى له به شاتَيْنِ، فباعَ إحداهُما بدِينارٍ، وجاءَه بدِينارٍ وشاةٍ، فدَعا له بالبَرَكةِ في بَيعِه (١).

قالَ الحَنفيَّةُ: تَصرُّفاتُ الفُضوليِّ مُنعقِدةٌ مَوقوفةٌ على إجازةِ المالِكِ؛ لِصُدورِها مِنْ الأهلِ، وهو الحُرُّ العاقِلُ البالِغُ، مُضافةً إلى المَحَلِّ؛ لأنَّ الكَلامَ فيه، ولا ضَرَرَ فيه على المالِكِ؛ لأنَّه غيرُ مُلزَمٍ له، وتَحتمِلُ المَنفَعةَ، فيَنعقِدُ تَصحيحًا لِتَصرُّفِ العاقِدِ العاقِلِ، وتَحصيلًا لِلمَنفَعةِ المُحتمَلةِ؛ لِحَديثِ عُروةَ البارِقيِّ: «أنَّ النَّبيَّ أعطاه دِينارًا يَشتَري له به شاةً، فاشتَرَى له به شاتَيْنِ، فباعَ إحداهما بدِينارٍ، وجاءَه بدِينارٍ وشاةٍ، فدَعا له بالبَرَكةِ في بَيعِه» (٢).

فأجازَ النَّبيُّ صِنيعَه، ولَم يُنكِرْ عليه، ودَعا له بالبَرَكةِ، وكانَ فُضوليًّا؛ لأنَّه باعَ الشاةَ واشتَرَى الأُخرَى بغيرِ أمرِه.

ومَعلومٌ أنَّه لَم يَكُنْ مَأْمورًا ببَيعِ الشاةِ، فلو لَم يَنعقِدْ تَصرُّفُه لَما باعَ، ولَما دَعا له رَسولُ اللَّهِ بالخَيرِ والبَرَكةِ على ما فعَل، ولَأنكَرَ عليه؛ لأنَّ الباطِلَ يُنكَرُ، ولأنَّ تَصرُّفَ العاقِلِ مَحمولٌ على الوَجْهِ الأحسَنِ


(١) رواه البخاري (٣٦٤٢).
(٢) رواه البخاري (٣٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>