للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ: فَرعٌ: السُّمُّ إنْ كانَ يَقتُلُ كَثيرُه ويَنفَعُ قَليلُه كالسُّقْمونيا والأفيونِ، جازَ، وإنْ قَتَلَ كَثيرُه وقَليلُه فقُطِعَ بالمَنعِ.

ومالَ الإمامُ وشَيخُه إلى الجَوازِ لِيُدسَّ في طَعامِ الكافِرِ.

وقالَ: فَرعٌ: آلاتُ المَلاهي -كالمِزمارِ والطُّنبورِ وغيرِهما- إنْ كانَتْ بحيثُ لا تُعَدُّ بعدَ الرَّضِّ والحَلِّ مالًا لَم يَصحُّ بَيعُها؛ لأنَّ مَنفعَتَها مَعدومةٌ شَرعًا، وإنْ كانَ رُضاضُها يُعَدُّ مالًا ففي صِحَّةِ بَيعِها وبَيعِ الأصنامِ والصُّوَرِ المُتَّخَذةِ مِنْ الذَّهبِ والخَشَبِ وغيرِهما وَجهانِ، الصَّحيحُ المَنعُ، وتَوسَّطَ الإمامُ فذكَر وَجهًا ثالِثًا اختارَه هو والغَزاليُّ، أنَّه إنِ اتُّخِذَتْ مِنْ جَوهَرٍ نَفيسٍ صَحَّ بَيعُها، وإنِ اتُّخِذَتْ مِنْ خَشَبٍ ونَحوِه فلا، والمَذهبُ المَنعُ المُطلَقُ، وبِه أجابَ عامَّةُ الأصحابِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يُشترَطُ كَونُ المَبيعِ -أي: المَعقودِ عليه- ثَمَنًا كانَ أو مُثمَّنًا، مالًا؛ لأنَّ غيرَه لا يُقابَلُ به، وهو -أي: المالُ- شَرعًا ما يُباحُ نَفْعُه مُطلَقًا، أي: في كلِّ الأحوالِ، أو يُباحُ اقتِناؤُه بلا حاجةٍ، فخرَج ما لا نَفْعَ فيه، كالحَشَراتِ، وما فيه نَفْعٌ مُحرَّمٌ، كَخَمرٍ، وما لا يُباحُ إلَّا عندَ الِاضطِرارِ، كالمَيْتةِ، وما لا يُباحُ اقتِناؤُه إلَّا لِحاجةٍ، كالكَلبِ، كَبَغلٍ وحِمارٍ لِانتِفاعِ النَّاسِ بهما، وتَبايُعِهما في كلِّ عَصرٍ مِنْ غيرِ نَكيرٍ، وكَطَيرٍ؛ لِقَصدِ صَوتِه، كهَزَّارٍ وبَبَّغاءٍ ونَحوِهما، وكَدُودِ قَزِّ وبِزرِه؛ لأنَّه طاهِرٌ مُنتفَعٌ به، ويَخرُجُ مِنه


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ١٧، ١٨)، ويُنظر: «الوسيط» (٣/ ٤٠٠، ٤٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٤٥٥)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٢٦، ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>