والفُهودِ والحَمامِ والعَصافيرِ والعُقابِ، وما يُنتفَعُ بلَونِه، كالطَّاووسِ، أو بصَوتِه كالزُّرزورِ والبَبَّغاءِ والعَندَليبِ، وكذلك القِردُ والفيلُ والهِرَّةُ ودُودُ القَزِّ والنَّحلُ، فكلُّ هذا وشِبهُهُ يَصحُّ بَيعُه بلا خِلافِ؛ لأنَّه مُنتفَعٌ به.
وَيَجوزُ بَيعُ الجَحشِ الصَّغيرِ بلا خِلافٍ؛ لأنَّه يَؤولُ إلى المَنفَعةِ.
القِسمُ الثَّاني مِنْ الحَيَوانِ: ما لا يُنتفَعُ به، فلا يَصحُّ بَيعُه، وذلك كالخَنافِسِ والعَقارِبِ والحَيَّاتِ والدِّيدانِ والفَأرةِ والنَّملِ وسائِرِ الحَشَراتِ ونَحوِها. وفي مَعناها السِّباعُ التي لا تَصلُحُ لِلِاصطيادِ ولا القِتالِ عليها، ولا تُؤكَلُ، كالأسَدِ والذِّئبِ والنَّمِرِ والدُّبِّ وأشباهِها، فلا يَصحُّ بَيعُها؛ لأنَّه لا مَنفَعةَ فيها، ولا يُنظَرُ إلى اقتِناءِ المُلوكِ لَها لِلهَيبةِ والسِّياسةِ.
قالَ النَّوويُّ ﵀: هذا هو المَذهبُ والمَنصوصُ، وبه قطَع المُصنِّفِ وسائِرُ العِراقيِّينَ، وكذلك جُمهورُ الخُراسانيِّينَ. وحَكَى القاضي حُسَينٌ وإمامُ الحَرمَيْنِ والغَزاليُّ وجَماعةٌ آخَرونَ مِنْ الخُراسانيِّينَ وَجهًا شاذًّا ضَعيفًا أنَّه يَجوزُ بَيعُ السِّباعِ؛ لأنَّها طاهِرةٌ، والِانتِفاعُ بجُلودِها بالدِّباغِ مُتوقَّعٌ، وضَعَّفوا هذا الوَجْهَ بأنَّ المَبيعَ في الحالِ غيرُ مُنتفَعٍ به، ومَنفَعةُ الجِلدِ غيرُ مَقصودةٍ، ولِهَذا لا يَجوزُ بَيعُ الجِلدِ النَّجِسِ بالِاتِّفاقِ، وإنْ كانَ الِانتِفاعُ به بعدَ الدِّباغِ مُمكِنًا، واللَّهُ أعلَمُ (١).
وقالَ في الرَّوضةِ: ويَصحُّ بَيعُ العَلَقِ -وهو دُودٌ أسوَدُ في الماءِ مَعروفٌ- على الأصَحِّ؛ لِمَنفعَتِه امتِصاصَ الدَّمِ.