مُلتبِسًا أمْرُها، هل هي مَقصودةٌ أو لا، ويَرَى ما سِواها مِنْ المَنافِعِ المَقصودةِ مُحلَّلةً، فيَمتنِعُ مِنْ التَّحريمِ لِأجلِ كَونِ المَقصودِ مِنْ المَنافِعِ مُحلَّلًا، ولا يَنشَطُ لِإطلاقِ الإباحةِ لِأجْلِ الإشكالِ في تلك المَنفَعةِ هل هي مَقصودةٌ أو لا، فيَقِفُ هُنا المُتورِّعُ.
ويَتساهَلُ آخَرُ ويَقولُ بالكَراهةِ؛ لِلِالتِباسِ، ولا يُحرِّمُ.
فاحتَفِظْ بهذا الأصلِ؛ فإنَّه مِنْ مُذهَّباتِ العِلمِ، ومَنْ أتقَنَه عِلمًا هانَ عليه جَميعُ مَسائِلِ الخِلافِ الوارِدةِ في هذا البابِ، وأفتَى وهو على بَصيرةٍ في دِينِ اللَّهِ، انتَهَى واللَّهُ أعلَمُ (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: يُشترَطُ في المَبيعِ أنْ يَكونَ مُنتفَعًا به، وهذا شَرطٌ لِصِحَّةِ البَيعِ بلا خِلافٍ، ولعَدمِ المَنفَعةِ سَبَبانِ:
أحَدُهما: القِلَّةُ، كالحَبَّةِ والحَبَّتيْنِ مِنْ الحِنطةِ والزَّبيبِ، ونَحوِهما؛ فإنَّ هذا القَدْرَ لا يُعَدُّ مالًا، ولا خِلافَ أنَّه لا يَجوزُ أخْذُ هذه الحَبَّةِ مِنْ صُبرةِ الغيرِ، فإنْ أخَذها كانَ عاصيًا، ولزِمه رَدُّها، فإنْ تلِفتْ فوَجهانِ، الصَّحيحُ: أنَّه لا ضَمانَ فيها؛ إذْ لا ماليَّةَ لها.