للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ كانَتْ مَنافِعُه المَقصودةُ مِنها ما هو مُحلَّلٌ، ومِنها ما هو مُحرَّمٌ، أو فيه مَنفَعةٌ مُحرَّمةٌ مَقصودةٌ، وسائِرُ مَنافِعِه مُحلَّلةٌ، قالَ المازِريُّ: هذا هو المُشكِلُ، ويَنبَغي أنْ يُلحَقَ بالمَمنوعِ؛ لأنَّ كَونَ هذه المَنفَعةِ المُحرَّمةِ مَقصودةً يُؤْذِنُ بأنَّ لَها حِصَّةً مِنْ الثَّمنِ، وأنَّ العَقدَ اشتَمَلَ عليها، كما اشتَمَلَ على ما سِواها، وهو عَقدٌ واحِدٌ لا سَبيلَ إلى تَبعيضِه، والتَّعاوُضُ على المُحرَّمِ مَمنوعٌ، فمُنِعَ الكُلُّ؛ لِاستِحالةِ التَّمييزِ، ولأنَّ الباقيَ مِنْ المَنافِعِ يَصيرُ ثَمَنُه مَجهولًا لو قُدِّرَ جَوازُ انفِرادِه، انتَهَى.

وجَزَمَ ابنُ شاسٍ بأنَّ المَنافِعَ المَقصودةَ إذا كانَ بَعضُها مُحلَّلًا وبَعضُها مُحرَّمًا لَم يَصحَّ البَيعُ، ونَصُّه: وإنْ تَوزَّعتْ -يَعني المَنافِعَ المَقصودةَ في النَوعَينِ- لَم يَصحَّ البَيعُ؛ لأنَّ ما يُقابِلُ ما حُرِّمَ مِنها مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ وما سِواه مِنْ بَقيَّةِ الثَّمنِ يُصيِّرُه مَجهولًا، وهذا التَّعليلُ يَطَّرِدُ في كَونِ المُحرَّمِ مَنفَعةً واحِدةً مَقصودةً، كما يَطَّرِدُ في كَونِ المَنافِعِ بأسرِها مُحرَّمةً، وهذا النَّوعُ -وإنِ امتَنَعَ بَيعُه؛ لِما ذُكِرَ مِنْ الوَجهَيْنِ- مِلْكُه صَحيحٌ؛ لِيَنتفِعَ مالِكُه بما فيه مِنْ مَنافِعَ مُباحةٍ، انتَهَى.

وَعَدَمُ صِحَّةِ البَيعِ ظاهِرٌ.

ثم قالَ ابنُ شاسٍ: فَرعٌ: لو تَحقَّقَ وُجودُ مَنفَعةٍ مُحرَّمةٍ ووقَع الِالتِباسُ في كَونِها مَقصودةً، فمِنَ الأصحابِ مَنْ يَقِفُ في جَوازِ البَيعِ، ومِنهم مَنْ يَكرَهُ ولا يُحرِّمُ، انتَهَى.

وقالَ المازِريُّ بإثْرِ كَلامِه المُتقدِّمِ: ورُبَّما وقَع في هذا النَّوعِ مَسائِلُ تُشكِلُ على العالِمِ، فيَخلِطُ المَسألةَ بعَينِ فِكرَتِه، فيَرَى المَنفَعةَ المُحرَّمةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>