للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّارَ بثَمَنِ كَذا، أو عَوَّضتُكَ هذا بكَذا، أو صارَفتُكَ ذا بكَذا، فكلُّ هذا ظاهِرُ الدِّلالةِ في البَيعِ؛ لِذِكرِ الثَّمنِ.

وَمِثلُ ذلك ما إذا قالَ المُشتَرِي: اشتَرَيتُ وقَبِلتُ؛ فإنَّ في ذلك دِلالةً ظاهِرةً على الشِّراءِ، بخِلافِ ما إذا قالَ: تَملَّكتُ فقَطْ، فإنَّ ذلك كِنايةٌ تَحتمِلُ التَّملُّكَ بالشِّراءِ، وتَحتمِلُ التَّملُّكَ بالهِبةِ وغيرِهما.

وكَما يَنعقِدُ البَيعُ بالصَّريحِ، ويَحِلُّ، فكذلك يَنعقِدُ بالكِنايةِ ويَحِلُّ، إلَّا أنَّ الصَّريحَ أقطَعُ لِلنِّزاعِ وأحسَنُ في رَفعِ الخُصوماتِ، ويَجوزُ تَقدُّمُ لَفظِ المُشتَرِي على لَفظِ البائِعِ؛ لِحُصولِ المَقصودِ مع ذلك.

فلو قالَ: بِعْني، فقالَ: بِعتُكَ، انعقَد البَيعُ في الأظهَرِ؛ لِدِلالةِ «بِعْني» على الرِّضا، ولأنَّ المَقصودَ وُجودُ لَفظٍ دالٍّ على الرِّضا بمُوجِبِ العَقدِ، وقد حصَل، فصَحَّ به البُيوعُ.

ولِمَا رَواه مُسلِمٌ أنَّ النَّبيَّ قالَ لِسَلَمةَ بنِ الأكوَعِ في جاريةٍ: «هَبْ ليَ المَرأةَ»، فقالَ: هي لكَ يا رَسولَ اللَّهِ (١).

وَهو يَدلُّ على انعِقادِ الهِبةِ بالِاستِيجابِ والإيجابِ، فالبَيعُ أوْلَى (٢).


(١) رواه مسلم (١٧٥٥).
(٢) يُنظر: «روضة الطالبين» (٣/ ٥)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٠٩، ٤١٣)، و «العباب» (٥٠٧)، و «الوسيط» (٣/ ٣٨٦، ٣٨٧)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ٥)، و «السراج الوهاج» (٢٠٦)، و «حاشية القليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٢/ ٣٨٦، ٣٨٨)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٤٢٩)، و «الديباج شرح المنهاج» (٢/ ٨، ٩)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٩، ١٣)، و «حواشي الشرواني» (٤/ ٢١٥)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٧، ٩)، و «البيان» (٥/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>