للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنبليَّةُ: يَنعقِدُ البَيعُ بالقَولِ الدَّالِّ على البَيعِ والشِّراءِ، وهو الإيجابُ، والقَبولُ، فيَقولُ البائِعُ: بِعتُكَ، أو مَلَّكتُكَ أو وَلَّيتُكَه -أي: بِعتُكَه برَأْسِ مالِه، وهُما يَعلَمانِه- أو وَهبتُكَه بكَذا، ونَحوَ ذلك، كأعطَيتُكَه بكَذا، ونَحوِه، أو رَضيتُ به عِوَضًا عن هذا، وكذا أيُّ لَفظٍ أدَّى مَعنَى البَيعِ؛ لأنَّ الشارِعَ لَم يَخُصَّه بصِيغةٍ مُعيَّنةٍ، فتَناوَلَ كُلَّ ما أدَّى مَعناه، ثم يَقولُ المُشتَرِي: ابتَعتُ، أو قَبِلتُ أوِ اشتَرَيتُ أو تَملَّكتُه أو أخَذتُه، ونَحوَه، كاستبدَلتُه، إذا كانَ القَبولُ على وَفْقِ الإيجابِ في قَدْرِ الثَّمنِ وصِفَتِه وغيرِهما.

وَيَصحُّ القَبولُ قبلَ الإيجابِ بلَفظِ أمرٍ، كَقَولِ مُشتَرٍ لِبائِعٍ: بِعْني هذا بكذا. فيَقولُ لَه: بِعتُكَه به، ونَحوَه، أو بلَفظٍ ماضٍ مُجرَّدٍ عن استِفهامٍ ونَحوِه، كاشتَرَيتُ مِنْكَ كذا بكذا، أوِ ابتَعتُه، أو أخَذتُه بكذا. فيَقولُ بِعتُكَ، أو بارَكَ اللَّهُ لكَ فيه، أو هو مُبارَكٌ عليكَ؛ لأنَّ المَعنَى حاصِلٌ به.

وَيَصحُّ القَبولُ مُتَراخيًا عن الإيجابِ ما داما في مَجلِسِه؛ لأنَّ حالةَ المَجلِسِ كَحالةِ العَقدِ، فإنِ اشتَغَلا بما يَقطَعُه عُرفًا، أوِ انقَضى المَجلِسُ قبلَ القَبولِ بطَل؛ لأنَّهما صارا مُعرِضَيْنِ عن البَيعِ، وإنْ خالَفَ القَبولُ الإيجابَ لَم يَنعقِدْ (١).

فَمِنْ خِلالِ ما تَقدَّمَ يُمكِنُ أنْ نَذكُرَ المَسائِلَ التي اتَّفق فيها الفُقهاءُ في كَلامِهمُ السَّابِقِ، والمَسائِلَ التي اختلَفوا فيها:


(١) يُنظر: «المغني» (٥/ ٢٢٠)، و «المبدع» (٤/ ٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ١٢١، ١٢٣)، و «الروض المربع» (١/ ٥٣٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>