للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: إنَّ البَيعَ يَنعقِدُ بالصِّيغةِ، وهي قَولُ المُشتَرِي: ابتَعتُ واشتَرَيتُ، ونَحوَ ذلك، بصِيغةِ الماضي، أو بقَولِ البائِعِ: بِعتُكَ أو أعطَيتُكَ، أو نَحوَ ذلك، كذلك، ويَرضَى الآخَرُ فيهِما، أي: في الصُّورتَيْنِ، وهو البائِعُ في الأُولى، والمُشتَرِي في الثَّانيةِ، بأيِّ شَيءٍ يَدلُّ على الرِّضا، أو ما يَقومُ مَقامَه ممَّا يَدلُّ على الرِّضا، مِنْ قَولٍ أو إشارةٍ أو كِتابةٍ مِنْ الجانِبَيْنِ أو أحَدِهما، كما يَنعقِدُ بقَولِ المُشتَرِي ابتِداءً لِلبائِعِ: «اشتَرَيتُها مِنْكَ بكذا»، بالفِعلِ الماضي، أو بأنْ يَقولَ البائِعُ لِلمُشتَرِي: «بِعتُكَها بكذا»، بالماضي أيضًا، ويَرضَى الآخَرُ. ومثلَ: «أبيعُها بكذا»، مِنْ البائِعِ، أو بقَولِ المُشتَرِي لِلبائِعِ: «أشتَريها مِنْكَ بكذا»، بالمُضارِعِ فيهِما، فرَضيَ الآخَرُ، أو قالَ المُشتَرِي: «بِعْني»، بفِعلِ الأمْرِ، أو قالَ البائِعُ لِلمُشتَرِي: «اشتَرِ مِنِّي هذه السِّلعةَ بكذا»، فرَضيَ الآخَرُ، يَنعقِدُ البَيعُ.

ثُمَّ إنْ كانَ الفِعلُ ماضيًا، كَأنْ يَقولَ البائِعُ: بِعتُ هذه السِّلعةَ، ويَقولَ المُشتَرِي: اشتَرَيتُ، فإنَّ البَيعَ يَنعقِدُ به، ويَكونُ لازِمًا، فليسَ لِواحِدٍ مِنهُما حَقُّ الرُّجوعِ فيه، لا قبلَ رِضاءِ الآخَرِ، ولا بعدَه، حتى ولو حلَف أنَّه لا يَقصِدُ البَيعَ أوِ الشِّراءَ، أمَّا إنْ كانَ الفِعلُ أمرًا، كَقَولِ المُشتَري: بِعْني هذه السِّلعةَ بكَذا، ويَقولُ له البائِعُ: بِعتُ، فإنَّه يَنعقِدُ به البَيعُ، ولكنَّ في لُزومِه خِلافًا؛ فبَعضُهم يَقولُ: إنَّ له حَقَّ الرُّجوعِ، وعليه اليَمينَ، بأنَّه لَم يَقصِدِ الشِّراءَ، وبَعضُهم يَقولُ: إنَّ البَيعَ يَلزَمُ بهَذا، كَلُزومِه بالماضي، وليسَ له حَقُّ الرُّجوعِ، على المُعتمَدِ.

فَإنْ كانَ الفِعلُ مُضارِعًا، كَأنْ يَقولَ البائِعُ: أبيعُ هذه السِّلعةَ بكَذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>