للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساقِ، ثم غسَلَ اليُسرى كذلك، ثم قالَ: هكذا رأيتُ رَسولَ اللهِ يَتوضَّأُ» وهو حُجةٌ لقَولِ مَنْ أوجَبَ إِدخالَهما في الغَسلِ؛ لأنَّه إذا ترَدَّد اللَّفظُ بينَ المَعنيَين على السَّواءِ وجَبَ ألَّا يُصارَ إلى أحدِ المَعنَيينِ إلا بدَليلٍ، وإنْ كانَت (إلى) في كَلامِ العَربِ أظهَرَ في مَعنى الغايةِ منها في مَعنى (مع)، وكذلك اسمُ (اليَدِ) أظهَرُ فيما دونَ العَضُدِ منه فيما فوقَ العَضُدِ.

فقَولُ مَنْ لم يُدخلْهما من جِهةِ الدِّلالةِ اللَّفظيةِ أرجَحُ، وقَولُ مَنْ أدخَلَهما من جِهةِ هذا الأثَرِ أبيَنُ، إلا أنْ يُحملَ هذا الأثَرُ على النَّدبِ والمَسألةُ مُحتملةٌ كما تَرى.

وقد قالَ قَومٌ: «إنَّ الغايةَ إنْ كانَت من جِنسِ ذي الغايةِ دخَلَت فيه، وإنْ لم تَكنْ من جِنسِه لم تَدخُلْ فيه» (١).

وفي قَولٍ آخَرَ عندَ المالِكيةِ: أنَّ المِرفَقينِ يَدخلانِ في الغَسلِ؛ لا لأجلِ وُجوبِ غَسلِهما مع اليَدينِ، بل احتِياطًا؛ لأنَّ الواجِبَ لا يُتوصَّلُ إليه إلا بدُخولِهما، وما لا يَتمُّ الواجِبُ إلا به فهو واجِبٌ، وإِدخالُهما أحوَطُ لزَوالِ تَكليفِ التَّحديدِ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣١)، و «الاستذكار» (١/ ١٢٨)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤١)، و «رد المحتار» (١/ ٢١٢)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٢٠)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٥٦)، و «كفاية الأخيار» (٦٥)، و «المغني» (١/ ١٥٠)، و «منار السبيل» (١/ ٣٣)، و «الإنصاف» (١/ ١٥٧)، و «الأوسط» (١/ ٣٩٣).
(٢) «مواهب الجليل» (١/ ١٩١)، و «الفواكه الدواني» (١/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>