للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه قال: «أَولِمْ ولو بشاةٍ» فإذا قصَد بها الشُّكرَ أو إقامةَ السُّنةِ فقد أراد بها التَّقرُّبَ إلى اللهِ عزَّ شأنُه.

قال الكاسانيُّ : ورُوي عن أبي حَنيفةَ أنَّه كَرِه الاشتِراكَ عندَ اختِلافِ الجِهةِ، ورُوي عنه أنَّه قال: لو كان هذا من نَوعٍ واحدٍ لَكانَ أَحبَّ إليَّ، وهكذا قال أبو يُوسفَ ، ولو كان أحدُ الشُّركاءِ ذِميًّا كِتابيًّا أو غيرَ كِتابيٍّ وهو يُريدُ اللَّحمَ، أو أرادَ القُربةَ في دِينِه لم يُجزِئْهم عندَنا؛ لأنَّ الكافرَ لا تَتحقَّقُ منه القُربةُ، فكانت نِيتُه مُلحَقةً بالعَدمِ، فكان مُريدًا للَّحمِ، والمُسلمُ لو أراد اللَّحمَ لا يَجوزُ عندَنا فالكافرُ أوْلى (١).

وذهَب الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه يَجوزُ الاشتِراكُ في البَدنةِ عن سَبعةٍ، والبَقرةِ عن سَبعةٍ، ولو كانوا مُفتَرِضينَ أو مُتطوِّعينَ في قُربٍ مُتماثِلةٍ أو مُختلِفةٍ أو بعضُهم يُريدُ حقَّه لَحمًا، وبعضُهم يَكونُ به مُتقرِّبًا، وسَواءٌ كانوا من أهلِ بَيتٍ واحدٍ أو بُيوتٍ شتَّى؛ لأنَّ كلَّ ما جازَ أنْ يَشترِكَ فيه السَّبعةُ إذا كانوا مُتقرِّبين جازَ أنْ يَشترِكوا فيه، وإنْ كان بعضُهم غيرَ مُتقرِّبٍ كالسَّبعِ من الغَنمِ. ولأنَّ سَهمَ كلِّ واحدٍ مُعتبَرٌ بنِيتِه لا بنِيةِ غيرِه؛ لأنَّهم لو اختلَفت قُرَبُهم فجَعل بعضُهم سَهمَه عن قِرانٍ وبعضُهم عن تَمتُّعٍ، وبعضُهم عن


(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٨٥)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٧١، ٧٢)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٨١، ٤٨٢)، و «اللباب» (١/ ٣٧٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٢٢، ٢٢٤)، و «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٧٤، ١٧٦)، و «أحكام القرآن» (١/ ٣٣٩)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>