للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُربةً من الباقين ضَرورةَ عَدمِ التَّجزُّؤِ، ولو أرادوا القُربةَ في الأُضحيَّةِ أو غيرِها من القُربِ أجزأهم سَواءٌ كانت القُربةُ واجبةً أو تَطوعًا أو وجَبت على بعضٍ دونَ بعضٍ، وسَواءٌ اتَّفَقت جِهاتُ القُربةِ أو اختلَفت بأنْ أراد بعضُهم الأُضحيَّةَ وبعضُهم جَزاءَ الصَّيدِ وبعضُهم هَديَ الإحصارِ وبعضُهم كَفارةَ شيءٍ أصابَه في إحرامِه وبعضُهم هَديَ التطوُّعِ وبعضُهم دَمَ المُتعةِ والقِرانِ، وهذا قولُ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ.

وقال زُفرُ : لا يَجوزُ إلا إذا اتَّفَقت جِهاتُ القُربةِ بأنْ كان الكلُّ بجِهةٍ واحِدةٍ.

وَجهُ قولِه: أنَّ القياسَ يأبى الاشتِراكَ؛ لأنَّ الذَّبحَ فِعلٌ واحِدٌ لا يَتجزَّأُ فلا يُتصوَّرُ أنْ يَقعَ بعضُه عن جِهةٍ وبعضُه عن جِهةٍ أُخرى؛ لأنَّه لا بعضَ له إلا عندَ الاتِّحادِ، فعندَ الاتِّحادِ جُعِلت الجِهاتُ كجِهةٍ واحِدةٍ، وعندَ الاختِلافِ لا يُمكِنُ فبقِي الأمرُ فيه مَردودًا إلى القياسِ.

ووَجهُ قَول الأئمَّةِ الثَّلاثةِ: أنَّ الجِهاتِ وإنِ اختلَفت صُورةً فهي في المَعنى واحِدٌ؛ لأنَّ المَقصودَ من الكلِّ التَّقربُ إلى اللهِ عزَّ شأنُه، وكذلك إنْ أراد بعضُهم العَقيقةَ عن وَلدٍ وُلدَ له من قَبلُ؛ لأنَّ ذلك جِهةُ التَّقرُّبِ إلى اللهِ تَعالى عزَّ شأنُه بالشُّكرِ على ما أنعَم عليه من الوَلدِ، كذا ذكَر مُحمدٌ في نَوادرِ الضَّحايا، ولم يَذكُر ما إذا أراد أحدُهم الوَليمةَ وهي ضيافةُ التَّزويجِ وينبَغي أنْ يَجوزَ؛ لأنَّها إنَّما تُقامُ شُكرًا للهِ تَعالى عزَّ شأنُه على نِعمةِ النِّكاحِ، وقد وردَت السُّنةُ بذلك عن رَسولِ اللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>