للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : وليس عليه أنْ يَقولَ عندَ الذَّبحِ عمَّن؛ لأنَّ النِّيةَ تُجزِئُ، لا أعلَمُ خِلافًا في أنَّ النِّيةَ تُجزِئُ، وإنْ ذكَر مَنْ يُضحِّي عنه فحَسنٌ (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا: هل يُشترَطُ أنْ يَكونَ الذي يَلي الذَّبحَ للأُضحيَّةِ مُسلمًا أو يَصحُّ أنْ يَليَ ذَبحَ الأُضحيَّةِ كِتابيٌّ؟

فأجمَعوا على أنَّ المَجوسيَّ لا يَلي أُضحيَّةَ مُسلمٍ؛ لأنَّه لا تَحلُّ ذَبيحَتُه.

واشتَرط المالِكيةُ في المَشهورِ وأحمدُ في رِوايةٍ في الذي يَلي ذَبحَ الأُضحيَّةِ أنْ يَكونَ مُسلمًا فلا تَصحُّ استِنابةُ كافرٍ على ذَبحِ أُضحيَّتِه ولو كِتابيًّا؛ لأنَّ الأُضحيَّةَ قُربةٌ، والكافرُ ليس مِنْ أهلِ القُربِ، ولا بأسَ أنْ يَليَ الكافرُ السَّلخَ وتَقطيعَ اللَّحمِ، والمُرادُ بعَدمِ صِحةِ استِنابةِ الكافرِ الكِتابيِّ في الأُضحيَّةِ عَدمُ صِحةِ كَونِها أُضحيَّةً، لا أنَّها لا تُؤكلُ، ومثلُها في ذلك الهَديُ والفِديةُ والعَقيقةُ، وتَجوزُ استِنابةُ المُسلمِ ولو لم يُصلِّ، مع الكَراهةِ، بِناءً على عَدمِ كُفرِ تاركِ الصَّلاةِ، ويُستحبُّ إعادةُ الأُضحيَّةِ (٢).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ وأشهَبُ من المالِكيةِ إلى أنَّه يُستحبُّ ألَّا يَذبحَ الأُضحيَّةَ إلا مُسلمٌ؛ لأنَّها قُربةٌ فلا يَليها غيرُ أهلِ القُربةِ، وإنِ استناب ذِميًّا في ذَبحِها جازَ مع الكَراهةِ،


(١) «المغني» (٩/ ٣٦١)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٩٠، ٣٩١).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٢٦٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٤٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٩٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٤٧، ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>