للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ : إنْ كانت واجبةً أجزَأت عن صاحِبِها، واختلَفَ أصحابُه هل يَغرمُ الذابحُ النُّقصانَ بالذَّبحِ أو لا؟ وإنْ كانت غيرَ واجبةٍ فهل تُجزِئُ عن صاحبِها أو لا؟ وهل يَضمنُها؟ على رِوايَتيْن.

قال ابنُ عَبدِ البرِّ : وقد اختُلِف عن مالكٍ وأصحابِه فيمَن نُحِرت أُضحيَّتُه بغيرِ إذْنِه ولا أمْرِه، فرُويَ عنه أنَّها لا تُجزِئُ عن الذابحِ، وسَواءٌ نَوى ذَبحَها عن نَفسِه أو عن صاحبِها، وعلى الذابِحِ ضَمانُها، ورُوي عنه أنَّ الذابحَ لها إذا كان مثلَ الوَلدِ، أو بعضِ العيالِ فإنَّها تُجزِئُ.

وقال ابنُ القاسِمِ: إنْ كان مثلَ الوَلدِ وعيالِه الذين إنَّما ذَبحوها ليَكفوه مُؤنتَها، فأرى ذلك مُجزِئًا عنه، وإنْ كان على غيرِ ذلك لم يُجزِئْ، هذا هو المَشهورُ عن مالكٍ في المَذهبِ (١).

وقال ابنُ رُشدٍ : واختَلفُوا هل تَجوزُ الأُضحيَّةُ إنْ ذبَحَها غيرُه بغيرِ إذْنِه؟ فقيل: لا تَجوزُ، وقيل بالفَرقِ بينَ أنْ يَكونَ صَديقًا أو وَلدًا أو أجنبيًّا، أعني أنَّه يَجوزُ إنْ كان صَديقًا أو وَلدًا ولم يَختلِفِ المَذهبُ فيما أحسَبُ أنَّه إنْ كان أجنَبيًّا أنَّها لا تَجوزُ (٢).

وذهَب الشافِعيةُ إلى أنَّ مَنْ ذبَح أُضحيَّةَ غيرِه بغيرِ أمرِه ذَبحُها يُجزِئُ عن قُربةِ صاحِبِها، يَسلكُ بها بعدَه مَسلكَ الضَّحايا، ويَكونُ الذابحُ ضامِنًا


(١) «التمهيد» (٢/ ١٠٨)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٠٩).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>