للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ وأبو حَنيفةَ: (تَصيرُ أُضحيَّةً بذلك).

دَليلُنا: أنَّ عَقدَ البَيعِ يُوجِبُ المِلكَ، وجَعلُها أُضحيَّةً يُزيلُ المِلكَ، والشَّيءُ الواحِدُ لا يُوجِبُ المِلكَ وزَوالَه في وقتٍ واحدٍ معًا، كما لو اشتَرى شيئًا بنيَّةِ وَقفِه أو اشتَرى عَبدًا بنيَّةِ عِتقِه.

إذا ثبَت هذا: فأرادَ أنْ يَجعلَها أُضحيَّةً فهل يَفتقِرُ إلى القولِ؟ فيه قَولان:

الأولُ: قالَ في الجَديدِ: (لا تَصيرُ أُضحيَّةً إلا بالقولِ) وهو أنْ يَقولَ: هذه أُضحيَّةٌ، أو جَعلتُها أُضحيَّةً؛ لأنَّه إزالةُ مِلكٍ على وَجهِ القُربةِ، فافتقَر إلى القولِ، كالوَقفِ والعِتقِ.

والثاني: قالَ في القَديمِ: (إذا نَوى أنَّها أُضحيَّةٌ صارَت أُضحيَّةً)؛ ل: (أنَّ النَّبيَّ قلَّد بُدنَه وأشعَرها). ولم يُنقلْ أنَّه قال: إنَّها هَديٌ.

والأَولُ أصحُّ؛ لأنَّه يَحتملُ أنْ يَكونَ النَّبيُّ مُتطوِّعًا بها، ولم يَنذِرْها، فلذلك لم يَنطِقْ، أو يَجوزُ أنْ يَكونَ قد أوجَبها لَفظًا، ولم يَنقُلْه الرَّاوي، أو لم يَسمَعْه أحدٌ.

فإذا قُلنا بقولِه الجَديدِ فلا كَلامَ.

وإنْ قُلنا بالقَديمِ: وأنَّها تَصيرُ أُضحيَّةً أو هَديًا بالنِّيةِ ففيه ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أحدُها: تَصيرُ هَديًا أو أُضحيَّةً بالنِّيةِ لا غيرُ، كالصَّومِ.

والثاني: لا تَصيرُ حتى يُضافَ إلى النِّيةِ التَّقليدُ أو الإشعارُ -وهو المَنصوصُ في القَديمِ- ليُوجدَ منه الأمران: الظاهرُ والباطنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>