وجَد الأُولى، إنْ كان أوجَب الثانيةَ بلِسانِه فعليه أنْ يُضحِّيَ بهما، وإنْ أوجَبها بَدلًا عن الأُولى فعليه أنْ يَذبحَ أيَّهما شاءَ، ولم يَفصلْ بينَ الفَقيرِ والغَنيِّ، وفي فَتاوي أهلِ سَمرقَندَ: الفَقيرُ إذا أوجَب شاةً على نَفسِه هل يَحلُّ له أنْ يَأكلَ منها؟ قال بَديعُ الدِّينِ: نَعمْ.
وقال القاضي بُرهانُ الدِّينِ: لا يَحلُّ.
وفي «فَتاوي أهلِ سَمرقَندَ»: الفَقيرُ إذا اشتَرى شاةً للأُضحيَّةِ فسُرقَتْ فاشتَرى مَكانَها ثم وجَد الأُولى فعليه أنْ يُضحِّيَ بهما، ولو ضلَّت فليس عليه أنْ يَشتريَ أُخرى مَكانَها، وإنْ كان غَنيًّا فعليه أنْ يَشتريَ أُخرى مَكانَها.
وفي «الحاوي»: ولو اشتَرى شاةً ولم يُردْ أنْ يُضحِّيَ بها، بل للتِّجارةِ ثم نَوى أنْ يُضحِّيَ بها ومَضى أيامُ النَّحرِ لا يَجبُ عليه أنْ يَتصدقَ بها (١).
وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في قَولٍ -كما تَقدَّم- والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه لا يُوجِبُها إلا القولُ، أي: بالنَّذرِ، ولا تَجبُ بالشِّراءِ أو التَّسميةِ.
قال المالِكيةُ: الأُضحيَّةُ إنَّما تَجبُ بأحدِ شَيئَين، إمَّا بالنَّذرِ كما عندَ القاضي إسماعيلَ بأنْ يَقولَ: نَذرتُ للهِ هذه الأُضحيَّةَ، أو للهِ علَيَّ أنْ أُضحِّيَ
(١) «البحر الرائق» (٨/ ١٩٩)، وينظر: «المبسوط» (١٢/ ١٧، ١٨)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٦٧)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٦١)، و «الاختيار» (٥/ ٢٦)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٧)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٢٩٤).