للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَديِ رَسولِ اللَّهِ بيدَيَّ، ثم قلَّدها رَسولُ اللَّهِ بيدَيه، ثم بعَث بها مع أبي فلم يَحرُمْ على رَسولِ اللَّهِ شيءٌ أحلَّهُ اللهُ حتى نُحرَ الهَديُ» (١). فكان هَديُ رَسولِ اللهِ وضحاياه؛ لأنَّه كان بالمَدينةِ، وأنفَذها مع أبي بَكرٍ سَنةَ تِسعٍ، وحُكمُها أغلَظُ لسَوقِها إلى الحَرمِ، فلمَّا لم يُحرِّمْ على نَفسِه شيئًا كان غيرُه أوْلى إذا ضحَّى في غيرِ الحَرمِ.

ووجَب استِعمالُ الخبَريْن، فنحمِلُ الأمرَ به على السُّنةِ والاستِحبابِ دونَ الإيجاب، بدَليلِ الخَبرِ الآخَرِ، فلا يَكونُ واحِدٌ منهما مُطَّرحًا (٢).

وذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّه يُباحُ ولا يُكرهُ أخذُ شَعرِه وبَشرِه؛ لأنَّه مُحِلٌّ، فلم يُكرهْ له أخذُ شَعرِه وبَشرِه كغيرِ المُضحِّي، ولأنَّ مَنْ لم يَحرُمْ عليه الطِّيبُ واللِّباسُ لم يَحرُمْ عليه حَلقُ الشَّعرِ كالمُحلِّ.

ولأنَّ العُلماءَ قد أجمَعوا على أنَّ الجِماعَ مُباحٌ في أيَّامِ العَشرِ لمَن أراد أنْ يُضحِّيَ، فما دُونَه أحرى أنْ يَكونَ مُباحًا (٣).


(١) رواه البخاري (١٦١٣)، ومسلم (١٣٢١).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٢٥٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٩٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٤٢، ٣٤٣)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٧٤)، و «البيان» (٤/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٣٨، ١٣٩)، و «المجموع» (٨/ ٢٨٥)، «المغني» (٩/ ٣٤٦)، و «الكافي» (١/ ٤٧١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٧٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣، ٢٤)، و «الإنصاف» (٤/ ١٠٨، ١٠٩).
(٣) «التجريد» للقدوري (١٢/ ٦٣٤٤، ٦٣٤٦)، و «التمهيد» (١٧/ ٢٣٤، ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>