للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمامُ النَّوويُّ : واختلَف العُلماءُ فيمَن دخلَت عليه عَشرُ ذي الحِجةِ وأراد أنْ يُضحِّيَ، فقال سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ ورَبيعةُ وأحمدُ وإسحاقُ وداودُ وبعضُ أصحابِ الشافِعيِّ أنَّه يَحرمُ عليه أخذُ شيءٍ من شَعرِه وأظفارِه حتى يُضحِّيَ في وقتِ الأُضحيَّةِ.

وقال الشافِعيُّ وأصحابُه: هو مَكروهٌ كَراهةَ تَنزيهٍ وليس بحَرامٍ.

وقال أبو حَنيفةَ: لا يُكرهُ، وقال مالكٌ في رِوايةٍ: لا يُكرهُ، وفي رِوايةٍ يُكرهُ، وفي رِوايةٍ يَحرمُ في التطوُّعِ دونَ الواجبِ.

واحتَجَّ من حرَّم بهذه الأحاديثِ واحتَجَّ الشافِعيُّ والآخَرون بحَديثِ عائشةَ قالت: «كُنْتُ أفتِلُ قَلائدَ هَديِ رَسولِ اللهِ ثم يُقلِّدُه ويَبعثُ به ولا يَحرمُ عليه شيءٌ أحلَّه اللهُ حتى يَنحرَ هَديَه» رَواه البُخاريُّ ومُسلمٌ، قال الشافِعيُّ: البَعثُ بالهَديِ أكثرُ مِنْ إرادةِ التَّضحيةِ، فدلَّ على أنَّه لا يَحرمُ ذلك، وحمَل أحاديثَ النَّهيِ على كَراهةِ التَّنزيهِ.

قال أصحابُنا: والمُرادُ بالنَّهي عن أخذِ الظُّفرِ والشَّعرِ النَّهيُ عن إزالةِ الظُّفرِ بقَلمٍ أوكَسرٍ أو غيرِ ذلك، والمَنعُ من إزالةِ الشَّعرِ بحَلقٍ أو تَقصيرٍ أو نَتفٍ أو إحراقٍ أو أخذِه بنَوْرةٍ أو غيرِ ذلك، وسَواءٌ شَعرُ الإبْطِ والشارِبِ والعانةِ والرَّأسِ وغيرِ ذلك من شُعورِ بَدنِه، قال إبراهيمُ المَروزيُّ وغيرُه من أصحابِنا: حُكمُ أجزاءِ البَدنِ كلِّها حُكمُ الشَّعرِ والظُّفرِ، ودَليلُه الرِّوايةُ السابِقةُ، فلا يَمسَّ من شَعرِه وبشَرِه شيئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>