للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مَنْ أرادَ الأُضحيَّةَ إذا دخَل العَشرُ الأُولُ من ذي الحِجةِ أنْ يَأخذَ من شَعرِه ومن بشَرتِه شيئًا، لِظاهرِ هذا الحَديثِ، فعلى هذا لو خالَف وفعَل فليس عليه إلا التَّوبةُ، ولا فِديةَ عليه إجماعًا (١).

وذهَب المالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ والقاضي من الحَنابلةِ إلى أنَّ مَنْ أرادَ أنْ يُضحِّيَ ودخَل العَشرُ الأوائلُ من ذي الحِجَّةِ فإنَّه يُستحبُّ له ألَّا يَأخذَ شيئًا من شَعرِه ولا أظفارِه لحَديثِ أمِّ سَلمةَ أنَّها قالت: قال رَسولُ اللهِ : «إذا دخَلتْ العَشرُ وأَرادَ أحدُكم أنْ يُضحِّيَ فلا يَمسَّ من شَعرِه وبشَرِه وأَظفارِه شيئًا حتى يُضحَّيَ» (٢). وهذا الحَديثُ مَحمولٌ على الاستِحبابِ دونَ الإيجابِ، وأنَّ النَّهيَ الوارِدَ فيه للكَراهةِ دونَ الحُرمةِ، وأنَّ من السُّنةِ لمَن أراد أنْ يُضحِّيَ أنْ يَمتنِعَ في عَشرِ ذي الحِجةِ من أخذِ شَعرِه وبَشرِه، فإنْ أخَذ كُره له، ولم يَحرُمْ عليه.

والدَّليلُ على أنَّه سُنةٌ وليس بواجبٍ ما رَواه الشَّيخانِ عن عَبدِ اللَّهِ بنِ أبي بَكرِ بنِ عَمرِو بنِ حَزْمٍ عن عَمرةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ أنَّها أخبَرتْه أنَّ زيادَ بنَ أبي سُفيانَ كتَب إلى عائشةَ : «إنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ عَباسٍ قال: مَنْ أهدَى هَديًا حرُم عليه ما يَحرمُ على الحاجِّ حتى يَنحرَ هَديَهُ، قالَت عَمرةُ: فقالت عائشةُ : ليس كما قال ابنُ عَباسٍ، أنا فتَلْتُ قَلائدَ


(١) «المغني» (٩/ ٣٤٦)، و «الكافي» (١/ ٤٧١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٧٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣، ٢٤)، و «الإنصاف» (٤/ ١٠٨، ١٠٩).
(٢) رواه مسلم (١٩٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>