للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا الأثرُ الذي انبَنى عليه القياسُ المُعارِضُ لهذا الأصلِ فما رُوي عن جابرٍ أنَّه قال: «نحَرنا مع رَسولِ اللهِ عامَ الحُديبيةِ البَدنةَ عن سَبعةٍ»، وفي بعضِ رِواياتِ الحَديثِ: «سنَّ رَسولُ اللهِ البَدنةَ عن سَبعةٍ، والبَقرةَ عن سَبعةٍ».

فقاس الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ الضَّحايا في ذلك على الهَدايا، وأمَّا مالكٌ فرجَّح الأصلَ على القياسِ المَبنيِّ على هذا الأثَرِ؛ لأنَّه اعتُلَّ لحَديثِ جابرٍ بأنَّ ذلك كان حين صدَّ المُشركون رَسولَ اللهِ عن البَيتِ، وهَديُ المُحصَرِ بعَدوٍّ ليس هو عندَه واجبًا وإنَّما هو تطوُّعٌ وهَديُ التطوُّعِ يَجوزُ عندَه فيه الاشتِراكُ، ولا يَجوزُ الاشتِراكُ في الهَديِ الواجبِ، لكنْ على القولِ بأنَّ الضَّحايا غيرُ واجبةٍ فقد يُمكِنُ قيامُها على هذا الهَديِ، ورَوى عنه ابنُ القاسِم أنَّه لا يَجوزُ الاشتِراكُ في هَديِ تطوُّعٍ ولا في هَديِ وُجوبٍ، وهذا كأنَّه ردٌّ للحَديثِ لِمكانِ مُخالفتِه لِلأصلِ في ذلك، وأجمَعوا على أنَّه لا يَجوزُ أنْ يَشترِكَ في النُّسكِ أكثرُ من سَبعةٍ، وإنْ كان قد رُوي من حَديثِ رافِعِ بنِ خَديجٍ ومن طَريقِ ابنِ عَباسٍ وغيرِه: البَدنةُ عن عَشرةٍ.

وقال الطَّحاويُّ: وإجماعُهم على أنَّه لا يَجوزُ أنْ يَشتركَ في النُّسكِ أكثرُ من سَبعةٍ، دَليلٌ على أنَّ الآثارَ في ذلك غيرُ صَحيحةٍ.

وإنَّما صارَ مالكٌ لجوازِ تَشريكِ الرَّجلِ أهلَ بَيتِه في أُضحيَّتِه أو هَديِه، لِما رَواه عن ابنِ شِهابٍ أنَّه قال: «ما نحَر رَسولُ اللهِ عن أهلِ بَيتِه إلا بَدنةً واحِدةً أو بَقرةً واحِدةً»، وإنَّما خُولِف مالكٌ في الضَّحايا في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>