للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رِوايةٍ قال: «اشترَكْنا مع النَّبيِّ في الحَجِّ والعُمرةِ كلُّ سَبعةٍ في بَدنةٍ، فقال رَجلٌ لجابرٍ: أيُشترَكُ في البَدنةِ ما يُشترَكُ في الجَزورِ؟ قال: ما هيَ إلا من البُدنِ، وحضَر جابرٌ الحُديبِيةَ قال: نحَرْنا يومَئذٍ سَبعينَ بَدنةً اشترَكْنا كلُّ سَبعةٍ في بَدنةٍ» (١).

ولا تَجوزُ الشاةُ عن أكثرَ من الواحِدِ، وإنْ كانت عَظيمةً فقيمَتُها قيمةُ شاتَين؛ لأنَّ القُربةَ إراقةُ الدَّمِ، وذلك لا يَتفاوَتُ، وهذا مَحلُّ إجماعٍ.

قال النَّوويُّ : وأجمَعوا على أنَّ الشاةَ لا يَجوزُ الاشتِراكُ فيها (٢).

فإذا ثبَت أنَّ البَدنةَ عن سَبعةٍ والبَقرةَ عن سَبعةٍ جازَ أنْ يَشترِكَ فيها سَبعةٌ من الضَّحايا والهَدايا، ويَكونَ لكلُّ سَبعةٍ منهم ضَحيَّةٌ لكلِّ واحدٍ منهم، وكذلك لو كانوا مُفترِضين أو مُتطوِّعين في قُربٍ مُتماثِلةٍ أو مُختلِفةٍ، أو بعضُهم يُريدُ حقَّه لَحمًا، وبعضُهم يَكونُ به مُتقرِّبًا، وسَواءٌ كانوا من أهلِ بَيتٍ واحدٍ أو من أهالي بُيوتٍ شتَّى عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنَّ كلَّ ما جازَ أنْ يَشترِكَ فيه السَّبعةُ إذا كانوا مُتقرِّبينَ جازَ أنْ يَشترِكوا فيه، وإنْ كان بعضُهم غيرَ مُتقرَّبٍ كالسَّبعِ من الغَنمِ، ولأنَّ سَهمَ كلِّ واحدٍ مُعتبَرٌ بنيَّتِه لا بنيَّةِ غيرِه؛ لأنَّهم لو اختلَفت قُربُهم فجعَل بعضُهم سَهمَه عن قِرانٍ وبعضُهم عن تَمتُّعٍ، وبعضُهم عن حَلقٍ، وبعضُهم عن لِباسٍ جازَ كذلك، إذا جعَل بعضُهم سَهمَه لَحمًا؛ لأنَّ نيةَ غيرِ المُتقرِّب لا تُؤثرُ في نيةِ المُتقرِّبِ.


(١) رواه مسلم (١٣١٨).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>