للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وعن ابنِ عباسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قال: «إنَّ عُمرةً في رَمضانَ تَعدِلُ حَجةً، أو حَجةً مَعي» (١).

قال العَلَّامةُ الشَّيخُ وَليُّ الدِّينِ أبو عبدِ اللهِ مُحمدُ بنُ عبدِ اللهِ الخَطيبُ العُمريُّ التِّبريزيُّ في «مِشكاةِ المَصابيحِ» : تَنبيهٌ آخَرُ قد استدلَّ بقولِه : «عُمرةٌ في رَمضانَ تَعدِلُ حَجةً» على استِحبابِ تَكرارِ العُمرةِ والإكثارِ منها.

قال المُحبُّ الطَّبريُّ (٢): فيه دَليلٌ على استِحبابِ تَكرارِ العُمرةِ من وَجهَين:

الأولُ: أنَّ النَّكرةَ في سياقِ التَّفضيلِ، الظاهرُ منها إرادةُ العُمومِ، فإنَّك إذا قُلتَ: رَجلٌ من بَني تَيْمٍ يَعدِلُ قَبيلةً من غيرِها، لم يَتبادَرْ إلى الفَهمِ إلا أنَّ كلَّ واحدٍ منها كذلك، فكذلك كلُّ عُمرةٍ في رَمضانَ.

والثاني: المُرادُ: ب «عُمرةٌ في رَمضانَ» إمَّا أنْ يُقالَ: كلُّ عُمرةٍ لكلِّ أحدٍ، أو عُمرةٌ لكلِّ أحدٍ، أو عُمرةٌ لِواحدٍ لا بعَينِه، والأولُ هو المَطلوبُ، والثالِثُ غيرُ مُرادٍ بالاتِّفاقِ، والثاني لَازمٌ لِلأولِّ فيَتعدَّى الحُكمُ ببَيانِ المُلازَمةِ أنَّ اتِّصافِ الفِعلِ بالفَضلِ إنَّما نشَأ من جِهةِ الزَّمانِ لا مَحالةَ، فإذا ثبَت لفِعلٍ لزِم ثُبوتُه لمِثلِه، وإنْ تَكرَّر لِقيامِ مُوجِبِ الصِّفةِ ولعَدمِ جوازِ تَخلُّفِ الحُكمِ


(١) رواه البخاري (١٧٦٤)، ومسلم (١٢٥٦).
(٢) ص (٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>