للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدَلُّوا على جوازِ ذلك بما يلي:

١ - بقولِ النَّبيِّ : «العُمرةُ إلى العُمرةِ كَفارةٌ لِما بينَهُما، والحَجُّ المَبرورُ ليس له جَزاءٌ إلا الجَنةُ» (١).

قال الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : وفيه -أي: هذا الحَديثِ- دِلالةٌ على استِحبابِ الاستِكثارِ من الاعتِمارِ، خِلافًا لقولِ مَنْ قالَ: يُكرهُ أنْ يُعتمَر في السَّنةِ أكثرَ من مَرةٍ، كالمالِكيةِ، ولِمن قال: مَرةً في الشَّهرِ من غيرِهم.

وقال ابنُ التِّينِ: قولُه: «العُمرةُ إلى العُمرةِ» يَحتملُ أنْ تَكونَ «إلى» بمَعنى «مع»، فيَكونَ التَّقديرُ: العُمرةُ مع العُمرةِ مُكفِّرةُ لِما بينَهما (٢).

٢ - واستدَلُّوا أيضًا بما ثبَت في الحَديثِ الصَّحيحِ: «أنَّ عائشةَ أحرَمت بعُمرةٍ عامَ حَجةِ الوَداعِ، فحاضَت، فأمرَها النَّبيُّ أنْ تُحرِمَ بحَجٍّ، ففعلَت، وصارت قارِنةً ووقَفت المَواقفَ، فلمَّا طهُرَت طافَت وسعَت، فقال لها النَّبيُّ : «قَدْ حلَلتِ من حَجِّكِ وعُمرتِكِ جميعًا»، فطلَبَت من النَّبيِّ أنْ يُعمِرَها عُمرةً أُخرى» (٣).

قال الإمامُ الشافِعيُّ: وكانت عُمرتُها في ذي الحِجةِ، ثم أعمرَها العُمرةَ الأُخرى في ذي الحِجةِ، فكان لها عُمرتانِ في ذي الحِجةِ (٤).


(١) رواه البخاري (١٦٨٣)، ومسلم (١٣٤٩).
(٢) «فتح الباري» (٣/ ٥٩٨)، وقال الباجيُّ بقولِ ابنِ التّينِ هذا، انظر: «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٥٩).
(٣) رواه البخاري (١٦٩٣)، ومسلم (١٢١٣) مطولًا ونقلته مختصرًا.
(٤) «المجموع» (٧/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>