للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مُقتَضيه، ومَن ادَّعى تَخصيصَها بعَدمِ التَّكرارِ، أو تَخصيصَها بالمُخاطَبةِ أو بميقاتٍ دونَ غيرِه، أو مُعارِضًا، فعليه البَيانُ. انتَهى.

وما سبَقَ مِنْ أفضليَّةِ العُمرةِ في رَمضانَ فقالَ الكَمالُ ابنُ الهُمامِ : إنَّ رَمضانَ أفضلُ بتَنصيصِه على ذلك، وتَركِه لذلك لاقتِرانِه بأمرٍ يَخصُّه، كاشتِغالِه بعِباداتٍ أُخرى في رَمضانَ تَبتُّلًا، وألَّا يَشقَّ على أُمتِه، فإنَّه لو اعتمَر فيه لخَرجوا معه، ولقد كانَ بهم رَحيمًا، وقد أخبَرَ في بعضِ العِباداتِ أنَّ تَركَه لها لئلَّا يَشقَّ عليهم مع مَحبَّتِه لها، كالقيامِ بهم في رَمضانَ، ومَحبَّتِه لأنْ يَسقيَ بنَفسِه مع سُقاةِ زَمزمَ ثم تَركِه كي لا يَغلبَهم الناسُ على سِقايتِهم، ولم يَعتمرْ في السَّنةِ إلا مَرةً (١).

وما قاله الكَمالُ يتَّفقُ وما هو مُقرَّرٌ عندَ الأُصوليِّين، من أنَّ دِلالةَ القولِ مُقدَّمةٌ على دِلالةِ الفِعلِ.

وقال العَظيمُ آباديُّ : فإنْ قيلَ: فبِأيِّ شيءٍ يَستحِبُّونَ العُمرةَ في السَّنةِ مِرارًا خُصوصًا في رَمضانَ ثم لم يُثبِتوا ذلك عن النَّبيِّ ؟ قيلَ: إنَّ النَّبيَّ كان يَشتغِلُ في العِباداتِ بما هو أَهمُ من العُمرةِ، ولم يَكنْ يُمكِنُه الجَمعُ بينَ تلك العباداتِ وبينَ العُمرةِ فإنَّه لو اعتمَر مِرارًا لَبادَرتِ الأُمةُ إلى ذلك وكانَ يَشقُّ عليها، وقد كان يَترُكُ النَّبيُّ كَثيرًا من العَملِ وهو يُحِبُّ أنْ يَعملَه؛ خَشيةَ المَشقَّةِ عليهم، ولمَّا دخَل


(١) «شرح فتح القدير» (٣/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>