للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشةَ أنَّها اعتمَرت في سَنةٍ مرَّتيْن، أي: بعدَ وَفاةِ النَّبيِّ وفي رِوايةٍ ثَلاثَ عُمرٍ، وعنِ ابنِ عُمرَ أنَّه اعتمَر أعوامًا في عهدِ ابنِ الزُّبيرِ مرَّتيْن في كلِّ عامٍ، ذكَر هذه الآثارَ كلَّها الشافِعيُّ، ثم البَيهَقيُّ بأسانيدِها.

وأمَّا الحَديثُ الذي ذكَره المُصنِّفُ فليس فيه دِلالةٌ ظاهِرةٌ، لأنَّها لم تَقُلِ: اعتمَر في ذي القَعدةِ وشوَّالٍ من سَنةٍ واحِدةٍ، واحتجَّ أصحابُنا أيضًا في المَسألةِ بحَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قال: «العُمرةُ إلى العُمرةِ كَفارةٌ لِما بينَهُما» رَواه البُخاريُّ ومُسلمٌ، وسبَق ذِكرُه في أولِ كِتابِ الحَجِّ، ولكنْ ليست دِلالتُه ظاهِرةً، وإنْ كان البَيهَقيُّ وغيرُه قد احتَجُّوا به، وصدَّر به البَيهَقيُّ البابَ، فقال بعضُ أصحابِنا: وحَجُّه دِلالَتُه أنَّه لم يُفرِّقْ بينَ كَونِ العُمرتَين في سَنةٍ أو سَنتَين، وهذا تَعليقٌ ضَعيفٌ.

واحتَجَّ أيضًا بالقياسِ على الصَّلاةِ، فقالوا: عِبادةٌ غيرُ مُؤقَّتةٍ، فلم يُكرَهْ تَكرارُها في السَّنةِ، كالصَّلاةِ، قال الشافِعيُّ في «المُختصَرِ»: مَنْ قال: لا يَعتمرُ في السَّنةِ إلا مَرةً مُخالِفٌ لِسُنةِ رَسولِ اللهِ ، يَعني حَديثَ عائشةَ السابقَ.

فإنْ قيلَ: قد ثبَت في حَديثِ عائشةَ أنَّ النَّبيَّ قال لها: «ارفُضي عُمرتَكِ وانقُضي رَأسَكِ وامتشِطي وأهِلِّي بالحَجِّ»، ففعَلت ثم اعتمَرت، وهذا ظاهرُه أنَّه لم يَحصلْ له إلا عُمرةٌ واحِدةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>