للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينَ العُمرةِ الأُخرى، فالإكثارُ منها أفضلُ، وباللهِ تَعالى التَّوفيقُ. اه (١).

وقال الإمامُ النَّوويُّ : فَرعٌ: في مَذاهبهِنَّ في تَكرارِ العُمرةِ في السَّنةِ.

مَذهبُنا أنَّه لا يُكرهُ ذلك، بل يُستحبُّ، وبه قال أبو حَنيفةَ وأحمدُ وجُمهورُ العُلماءِ من السَّلفِ والخَلفِ، وممَّن حَكاه عن الجُمهورِ الماوَرديُّ والسَّرخَسيُّ والعبدَريُّ، وحَكاه ابنُ المُنذرِ عن علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وابنِ عُمرَ وابنِ عباسٍ وأنسٍ وعائشةَ وعَطاءٍ وغيرِهم .

وقال الحَسنُ البَصريُّ وابنُ سِيرينَ ومالكٌ: تُكرهُ العُمرةُ في السَّنةِ أكثرَ من مَرةٍ، لأنَّها عِبادةٌ تَشتمِلُ على الطَّوافِ والسَّعيِ، فلا تُفعلُ في السَّنةِ إلا مَرةً كالحَجِّ.

واحتَجَّ الشافِعيُّ والأصحابُ وابنُ المُنذرِ وخَلائقُ بما ثبَت في الحَديثِ الصَّحيحِ أنَّ عائشةَ : «أحرمَت بعُمرةٍ عامَ حَجةِ الوَداعِ، فحاضَت، فأمَرها النَّبيُّ أنْ تُحرِمَ بحَجٍّ ففعَلت، وصارَت قارِنةً ووقَفت المَواقفَ، فلمَّا طهُرَت طافَت وسعَت، فقال لها النَّبيُّ : قد حلَلتِ من حَجِّكِ وعُمرتِكِ، فطلَبت من النَّبيِّ أنْ يُعمِرَها عُمرةً أُخرى، فأذِن لها فاعتمَرت من التَّنعيمِ عُمرةً أُخرى» رَواه البُخاريُّ ومُسلمٌ مُطوَّلًا، ونَقلتُه مُختصَرًا.

قال الشافِعيُّ: وكانت عُمرتُها في ذي الحِجَّةِ، ثم أعمَرها العُمرةَ الأُخرى في ذي الحِجةِ، فكان لها عُمرَتانِ في ذي الحِجةِ.


(١) «المحلى» (٧/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>