تَكنْ أحلَّت من عُمرتِها، وأنَّها بقِيت مُحرِمةً حتى أدخلَت عليها الحَجَّ، فهذا خَبرُها عن نَفسِها، وذلك قولُ رَسولِ اللهِ ﷺ لها، كلٌّ منهما يُوافِقُ الآخرَ وباللهِ التَّوفيقُ.
وفي قولِه ﷺ:«العُمرةُ إلى العُمرةِ كَفارةٌ لِما بينَهُما والحَجُّ المَبرورُ ليسَ له جَزاءٌ إلا الجَنةُ»، دَليلٌ بيِّنٌ على التَّفريقِ في التَّكرارِ، وتَنبيهٌ على ذلك، إذ لو كانت العُمرةُ كالحَجِّ لا تُفعَلُ في السَّنةِ إلا مَرةً لَسوَّى بينَهما ولم يُفرِّقْ.
ورَوى الشافِعيُّ ﵀ عن عَليٍّ ﵁ أنَّه قال:«اعتمِرْ في كلِّ شَهرٍ مَرةً».
ورَوى وَكيعٌ عن إسرائيلَ عن سُوَيدِ بنِ أبي ناجيةَ عن أبي جَعفرٍ قال: قال علِيٌّ ﵁: «اعتمِرْ في الشَّهرِ إنْ أطَقتَ مِرارًا»، وذكَر سعيدُ بنُ مَنصورٍ عن سُفيانَ بنِ أبي حُسَينٍ عن بعضِ وَلدِ أنسٍ أنَّ أنَسًا كان إذا كان بمكةَ فحمَّم رأسُه خرَج إلى التَّنعيمِ فاعتمَر. اه (١).
وقال ابنُ حَزمٍ ﵀: أمَّا العُمرةُ فنُحبُّ الإكثارَ منها لِما ذكَرْنا من فَضلِها … وهو قولُ الشافِعيِّ وأبي حَنيفةَ وأبي سُلَيمانَ وبه نَأخذُ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قد أعمَر عائشةَ ﵂ مرَّتيْن في الشَّهرِ الواحِدِ ولم يَكرهْ ﷺ ذلك، بل حضَّ عليه وأخبَر أن العُمرةَ تُكفِّرُ ما بينَها