للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسَك وامتشِطي»، وفي لَفظٍ: «وأهِلِّي بالحَجِّ ودَعي العُمرةَ»، فهذا صَريحٌ في رَفضِها من وَجهَين:

أحدُهما: قولُه: ارفُضيها ودَعيها.

والآخَرُ: أمرُه لها بالامتِشاطِ.

قيلَ: مَعنى قولِه: «ارفُضيها»: اترُكي أفعالَها والاقتصارَ عليها وكُوني في حجَّةٍ معها، ويَتعيَّنُ أنْ يَكونَ هذا هو المُرادَ بقولِه: «حلَلتِ مِنهما جميعًا» لمَّا قضَت أعمالَ الحَجِّ، وقولُ: «يَسعُكِ طَوافُكِ لحَجِّكِ وعُمرتِكِ»، هذا صَريحٌ في أنَّ إحرامَ العُمرةِ لم يُرفضْ، وإنَّما رفَضت أعمالَها والاقتصارَ عليها وأنَّها بانقِضاءِ حَجِّها انقَضى حَجُّها وعُمرتُها، ثم أعمَرها من التَّنعيمِ تَطييبًا لقَلبِها إذ تأتي بعُمرةٍ مُستقلَّةٍ كصواحباتِها، ويُوضِّحُ ذلك إيضاحًا بيِّنًا ما رَوى مسلِمٌ في صَحيحِه من حَديثِ الزُّهريِّ عن عُروةَ عنها قالت: «خرَجنا مع رَسولِ اللهِ عامَ حَجةِ الوَداعِ، فحِضتُ فلم أزَل حائضًا حتى كان يومُ عَرفةَ، ولم أُهلِلْ إلا بعُمرةٍ، فأمَرني رَسولُ اللهِ أنْ أنقُضَ رَأسي وامتشِطَ وأُهلَّ بحَجٍّ وأترُكَ العُمرةَ، قالت: ففعَلتُ ذلك حتى إذا قضَيتُ حجَّتي بعَث مَعي رَسولُ اللهِ عبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بَكرٍ وأمَرني أنْ أعتمِرَ من التَّنعيمِ مَكانَ عُمرَتي التي أدرَكني الحَجُّ ولم أحلِلْ منها» (١)، فهذا حَديثٌ في غايةِ الصِحةِ والصَّراحةِ أنَّها لم


(١) رواه البخاري (٣١٣)، ومسلم (١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>