للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وقد أُجيبَ عن الحَديثِ الذي قالَ فيه الإمامُ أحمدُ: لا أعلمُ حَديثًا أجودَ في إيجابِ العُمرةِ منه، وهو حَديثُ أبي رُزينٍ العُقيليِّ، الذي فيه: «حُجَّ عن أبيكَ واعتمِرْ»، أنَّ صيغةَ الأمرِ في قولِه: «واعتمِرْ» وارِدةٌ بعدَ سُؤالِ أبي رُزينٍ، وقد قرَّر جَماعةُ من أهلِ الأُصولِ أنَّ صيغةَ الأمرِ الوارِدةِ بعدَ المَنعِ أو السُّؤالِ إنَّما تَقتَضي الجَوازَ، لا الوُجوبَ؛ لأنَّ وُقوعَها في جَوابِ السُّؤالِ عن الجوازِ دَليلٌ صارِفٌ عن الوُجوبِ إلى الجوازِ، والخِلافُ في المَسألةِ مَعروفٌ (١).

وقال ابنُ التُّركُمانيِّ: ولا دِلالةَ فيه على وُجوبِ العُمرةِ؛ لأنَّه أمَر الولَدَ أنْ يحُجَّ عن أبيه ويَعتمرَ ولا يَجبانِ على الولَدِ عن أبيه إجماعًا (٢).

وقال أبوُ بَكرٍ الجَصَّاصُ : وقولُه: «حُجَّ عن أبيكَ واعتمِرْ» لا دِلالةَ فيه على وُجوبها -أي: العُمرةِ- لأنَّه لا خِلافَ أنَّ هذا القولَ لم يَخرُجْ مَخرجَ الإيجابِ إذ ليس عليه أنْ يحُجَّ عن أبيه ولا أنْ يَعتمرَ (٣).

٥ - وأمَّا الجَوابُ عن قولِ الصُّبيِّ بنِ مَعبدٍ لعُمرَ : «وجَدتُ الحَجَّ والعُمرةَ مَكتوبَين عليَّ»، وسُكوتُ عُمرَ وتَركُه النَّكيرَ عليه فالجَوابُ عنه من وُجوهٍ:


(١) «أضواء البيان» (٥/ ٢٢٧)، وما بعدَها.
(٢) «الجوهر النقي» (٤/ ٣٥٠).
(٣) «أحكام القرآن» (١/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>