أحدُها: أنَّه إنَّما قال: هُما مَكتوبانِ عليَّ، ولم يَقلْ: مَكتوبتان على الناسِ، فظاهرُه يَقتَضي أنْ يَكونَ نذَرهما فصارا مَكتوبَين عليه بالنَّذرِ.
وثانيها: أنَّه إنَّما قاله تَأويلًا منه لِلآيةِ، وفيه مَساغٌ للتَّأويلِ فلم يُنكِرْه عُمرُ ﵁؛ لِاحتِمالِها له، وهو بمَنزلةِ قولِ القائلِ بوُجوبِ العُمرةِ، فلا يَستحقُّونَ النَّكيرَ، إذ كان الاجتِهادُ سائغًا فيه.
وثالِثُها: أنَّ الصُّبيَّ بنَ مَعبدٍ قَدْ فسَّر كَونَهما مَكتوبَين عليه بقولِه: «وإنِّي أهلَلتُ بهما»، وإذا أهلَّ بالعُمرةِ وجَبت عليه.
٦ - أجابوا عن قولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ بأنَّ المرُادَ بها الإتمامُ بعدَ الشُّروعِ.
قال أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ ﵀: ولا دِلالةَ في الآيةِ على وُجوبها، وذلك لأنَّ أكثرَ ما فيها الأمرُ بإتمامِها، وذلك يَقتَضي نَفيَ النُّقصانِ عنهما إذا فُعِلت؛ لأنَّ ضدَّ التَّمامِ النُّقصانُ، لا البُطلانُ … » (١).
وقال الكاسانيُّ ﵀: ولا دِلالةَ في الآيةِ الكَريمةِ على فَرضيةِ العُمرةِ؛ لأنَّها قُرِئت برَفعِ العُمرةِ «والعُمرةُ للَّهِ»، وأنَّه كَلامٌ تامٌّ بنَفسِه غيرُ مَعطوفٍ على الأمرِ بالحَجِّ، أخبَر اللهُ تَعالى أنَّ العُمرةَ للهِ، رَدًّا لزَعمِ الكَفرةِ؛ لأنَّهم كانوا يجعَلون العُمرةَ لِلأصنامِ على ما كانت عِبادتُهم من الإشراكِ، وأمَّا على قِراءةِ العامَّةِ فلا حُجةَ فيها أيضًا؛ لأنَّ فيها أمرًا بإتمامِ العُمرةِ،