للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قَولُ سحنُونٍ مِنْ المالِكيةِ، فقدْ قالَ الإمامُ القَرافِيُّ : وروَى سحنونٌ أنها -أي: الحائِض التي تَتأخرُ قافِلتُها لأجْلِها- تَطوفُ؛ للخِلافِ في اشتِراطِ الطهارةِ في الطَّوافِ، ولأنه يُستباحُ للضرورةِ كقِراءةِ القُرآنِ للحائضِ لضَرورةِ النِّسيانِ، وهاهُنا أعظَمُ (١).

أمَّا المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ فإنَّهم قالُوا: إنْ حاضَتِ المَرأةُ قبلَ طَوافِ الإفاضةِ فإنها تَبقَى على إحرامِها حتى تَطهُرَ ثم تَطوفَ، فإنْ طافَتْ وهي حائضٌ لم يَصحَّ طَوافُها؛ لحَديثِ عائشةَ أنَّ النبيَّ قالَ لها لمَّا حاضَتْ: «افعَلِي ما يَفعلُ الحاجَّ غيرَ ألا تَطوفِي بالبَيتِ» (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وفيهِ دَليلٌ على أنَّ الطوافَ لا يَصحُّ مِنْ الحائضِ، وهذا مُجمَعٌ عليهِ، لكنِ اختَلفُوا في علَّتِه على حَسبِ اختلافِهم في اشتراطِ الطهارةِ للطَّوافِ، فقالَ مالكٌ والشافعيُّ وأحمَدُ: هي شَرطٌ، وقالَ أبو حَنيفةَ: ليسَتْ بشَرطٍ، وبه قالَ داودُ، فمَن شرَطَ الطَّهارةَ قالَ: العلَّةُ في بُطلانِ طَوافِ الحائضِ عَدمُ الطهارةِ، ومَن لم يَشترطْها قالَ: العلَّةُ فيه كونُها مَمنوعةً مِنْ اللُّبثِ في المَسجدِ (٣).

د- إنْ حاضَت بعدَ الوُقوفِ وطَوافِ الزِّيارةِ، فإنَّها تُتمُّ أعمالَ الحَجِّ، ثم


(١) «الذخيرة» (٣/ ٢٧٢).
(٢) رواه البخاري (٢٩٠، ٢٩٩) ومسلم (١٢١١).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٨/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>