للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولَه: «دَعي العُمرةَ»، أي: دَعيها بحالِها وأهِلِّي بالحَجِّ معها، أو دَعي أفعالَ العُمرةِ؛ فإنَّها تَدخلُ في أفعالِ الحَجِّ (١).

وقال أبو عُمرَ بنُ عبدِ البرِّ : وأمَّا قولُها -أي: في حَديثِ عُروةَ- فشكَوتُ ذلك إلى النَّبيِّ فقال: «انقُضي رَأسَكِ وامتَشِطي وأهِلِّي بالحَجِّ ودَعي العُمرةَ»، فإنَّ جَماعةً من أصحابِنا وأصحابِ الشافِعيِّ تأوَّلوا في قولِه: «ودَعي العُمرةَ» أي: دَعي عَملَ العُمرةِ، يَعني الطَّوافَ بالبَيتِ والسَّعيَ بينَ الصَّفا والمَروةِ؛ لأنَّه أمَرها برَفضِ العُمرةِ وإنشاءِ الحَجِّ كما زعَم الكُوفيُّونَ.

وذكَر ابنُ وَهبٍ عن مالكٍ أنَّه قال في حَديثِ عُروةَ عن عائشةَ هذا ليس عليه العَملُ عندَنا قَديمًا ولا حَديثًا، قال: وأظنُّه وَهمًا، قال أبو عُمرَ: يُريدُ مالكٌ أنَّه ليس عليه العَملُ في رَفضِ العُمرةِ؛ لأنَّ اللهَ ﷿ قد أمَرنا بإتمامِ الحَجِّ والعُمرةِ لكلِّ من دخَل فيهما، والذي عليه العَملُ عندَ مالكٍ والشافِعيِّ وجُمهورِ أهلِ الحِجازِ في المُعتمِرةِ تأتيها حَيضَتُها قبلَ أنْ تَطوفَ بالبَيتِ وتَخشى فَوتَ عَرفةَ وهي حائضٌ لم تَطُفْ أنَّها تُهلُّ بالحَجِّ، وتَكونُ كمَن قرَن بينَ الحَجِّ والعُمرةِ ابتِداءً، وعليها هَديٌ القِرانِ ولا يَعرِفونَ رَفضَ العُمرةِ، ولا رَفضَ الحَجِّ لِأحَدٍ دخَل فيهما أو في أحدِهما (٢).


(١) «المغني» (٥/ ١١٤، ١١٥).
(٢) «الاستذكار» (٤/ ٣٦٥)، و «التمهيد» (٨/ ٢١٥، ٢١٦)، و «شرح العمدة» (٢/ ٥٥٩، ٢٦٧)، و «زاد المعاد» (٢/ ٩٩)، و «الفروع» (٣/ ٢٤٥)، و «المبدع» (٣/ ١٢٩)، و «شرح الزركشي» (١/ ٥٦١)، و «شرح السيوطي» لسنن النسائي (٥/ ١٦٦)، و «حاشية السندي» عليه و «طرح التثريب» (٥/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>