قال ابنُ قُدامةَ ﵀: وهُما يَدلَّانِ على ما ذكَرنا جِميعِه، ولأنَّ إدخالَ الحَجِّ على العُمرةِ جائزٌ بالإجماعِ من غيرِ خَشيةِ الفَواتِ، فمع خَشيةِ الفَواتِ أوْلى.
قال ابنُ المُنذرِ: أجمَع كلُّ من نَحفَظُ عنه من أهلِ العِلمِ: أنَّ لِمن أهلَّ بعُمرةٍ أنْ يُدخلَ عليها الحَجَّ، ما لم يَفتتِحِ الطَّوافَ بالبَيتِ (١)، وقد أمَر النَّبيُّ ﷺ مَنْ كان معه هَديٌ في حَجةِ الوَداعِ أنْ يُهلَّ بالحَجِّ مع العُمرةِ، ومع إمكانِ الحَجِّ مع بَقاءِ العُمرةِ، ولا يَجوزُ رَفضُها؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولأنَّها مُتمكِّنةٌ من إتمامِ عُمرتِها بلا ضَررٍ، فلم يَجزْ رَفضُها كغيرِ الحائضِ، فأمَّا حَديثُ عُروةَ فإنَّ قولَه:«انقُضي رَأسَكِ وامتَشِطي ودَعي العُمرةَ»، قد انفَرد به عُروةُ وخالَف به سائرَ من رَوى عن عائشةَ حينَ حاضَت، وقد رُوي عن طاوُسٍ والقاسِمِ والأسوَدِ وعَمرةَ وعائشةَ، ولم يَذكُروا ذلك، وحَديثا جابرٍ وطاوُسٍ مُخالفانِ لِهذه الزِّيادةِ، وقد رَوى حَمادُ بنُ زَيدٍ عن هِشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه عن عائشةَ حَديثَ حَيضِها، فقال فيه: حدَّثني غيرُ واحدٍ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قال لها: «دَعي عُمرتَكِ وانقُضي رَأسَكِ وامتَشِطي»، وذكَر تَمامَ الحَديثِ، وهذا يَدلُّ على أنَّ عُروةَ لم يَسمَعْ هذه الزِّيادةَ عن عائشةَ، وهو مع ما ذكَرنا من مُخالفَتِه بقِيةَ الرُّواةِ يَدلُّ على الوَهمِ مع مُخالفَتِها الكِتابَ والأُصولَ، إذْ ليس لنا مَوضعٌ آخَرُ يَجوزُ فيه رَفضُ العُمرةِ مع إمكانِ إتمامِها، ويُحتمَلُ أنَّ