للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّها في هذه الحالةِ لا تُلغي العُمرةَ، بل تُحرِمُ بالحَجِّ مع عُمرتِها، وتُصبِحُ قارِنةً، فتُحسَبُ لها العُمرةُ، وقد كفى عنها طَوافُ الحَجِّ وسَعيُه تَبعًا لمَذهبِهم في طَوافِ القارِنِ وسَعيِه أنَّهما يُجزِئانِ عن الحَجِّ والعُمرةِ، وعليها هَديُ القِرانِ عندَهم، ولا يَسقطُ عنها طَوافُ الوَداعِ، واحتجُّوا على ذلك بما رَوى جابرٌ قال: «وأقبَلتْ عائشةُ بعُمرةٍ حتى إذا كنا بسَرِفَ عرَكت … ثم دخَل رَسولُ اللهِ على عائشةَ فوجَدها تَبكي فقال: ما شَأنُكِ؟ قالت: شَأني أنِّي قَدْ حِضتُ وقَد حلَّ الناسُ ولم أَحلِلْ ولم أطُفْ بالبَيتِ والناسُ يَذهَبونَ إلى الحَجِّ الآنَ. فقال: إنَّ هذا أمرٌ كتَبه اللهُ على بَناتِ آدمَ، فاغتَسِلي ثم أهِلِّي بالحَجِّ، ففعَلت ووقَفت المَواقفَ حتى إذا طهُرَت طافَت بالكَعبةِ والصَّفا والمَروةِ، ثم قال: قَدْ حَلَلتِ من حَجِّكِ وعُمرتِكِ جميعًا، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أجِدُ في نَفسي أنِّي لم أطُفْ بالبَيتِ حتى حَجَجتُ، قال: فاذهَبْ بها يا عبدَ الرَّحمنِ فأعْمِرْها من التَّنعيمِ» (١).

ورَوى طاوُسٌ عن عائشةَ : «أنَّها أهلَّت بعُمرةٍ فقدِمت ولم تَطُفْ بالبَيتِ حتى حاضَت فنسَكتِ المَناسكَ كلَّها، وقَد أهلَّت بالحَجِّ، فقال لها النَّبيُّ يومَ النَّفرِ: يَسعُكِ طَوافُكِ لحَجِّكِ وعُمرتِكِ، فأبَتْ، فبعَث بها مع عبدِ الرَّحمنِ إلى التَّنعيمِ فاعتمَرت بعدَ الحَجِّ» (٢).


(١) رواه مسلم (١٢١٣).
(٢) رواه مسلم (١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>