للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أنْ تُحرِمَ بالعُمرةِ ثم تَحيضَ أو تُنفَسَ قبلَ الوُقوفِ بعَرفةَ، ولا يتَّسعَ الوقتُ كي تَطهُرَ وتَعتمِرَ قبلَ الإحرامِ بالحَجِّ: ففي هذه الصُّورةِ قرَّر الحَنفيةُ أنَّها تُحرِمُ بالحَجِّ، أي تَنوي وتُلبِّي، وتُؤدِّي أعمالَ الحَجِّ كما ذكَرنا بالنِّسبةِ للمُفرِدةِ، وتُصبِحُ بهذا رافِضةً للعُمرةِ، أي مُلغيةً لها، وتُحتسَبُ تلك لها حَجةً فقط، فإذا أرادَت العُمرةَ تُهلُّ بها بعدَ الفَراغِ من أعمالِ الحَجِّ، وليس لها إردافُ الحَجِّ على العُمرةِ عندَهم كما سبَق.

واستدلَّ الحَنفيةُ على ذلك بما رَوى عُروةُ عن عائشةَ قالت: «خرَجْنا مع رَسولِ اللهِ في حَجةِ الوَداعِ فأهلَلنا بعُمرةٍ … فقدِمتُ معه مكةَ وأنا حائضٌ، ولم أطُفْ بالبَيتِ ولا بينَ الصَّفا والمَروةِ، فشكَوتُ إلى رَسولِ اللهِ فقال: انقُضي رَأسَكِ وامتَشِطي وأهِلِّي بالحَجِّ، ودَعي العُمرةَ، قالت: ففعَلتُ، فلَما قَضَينا الحَجَّ أرسَلَني رَسولُ اللهِ مع عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي بَكرٍ الصِّديقِ إلى التَّنعيمِ فاعتمَرتُ، فقال: هذه مَكانَ عُمرتِكِ» (١)، وهذا يَدلُّ على أنَّها رفَضت عُمرتَها وأحرَمت بحَجٍّ من وُجوهٍ ثَلاثةٍ:

أحدُها: قولُه: «دَعي عُمرتَكِ»، والثاني: قولُه: «وامتَشِطي»، والثالِثُ: قولُه: «هَذِه مَكانَ عُمرتِكِ» (٢).


(١) رواه البخاري (١٤٨١، ٤١٣٤)، ومسلم (١٢١١)
(٢) «المبسوط» (٤/ ٣٥، ٣٦)، و «الهداية» (٢/ ٢٢٣، ٢٢٤)، و «عمدة القاري» (٣/ ٢٩٠)، و «الجوهر النقي» (٤/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>