للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّيارةِ-، ولا يُتصوَّرُ بَقاءُ الرُّكنِ بدونِ الإحرامِ، فصارَ الحالُ بعدَ الوُقوفِ كالحالِ قبلَه (١).

وذهَب الحَنفيةُ ومالكٌ في رِوايةٍ إلى أنَّ من جامَع بعدَ الوُقوفِ بعَرفةَ وقبلَ التَّحلُّلِ الأولِ حَجُّه تامٌّ، وعليه بَدنةٌ، قال الكاسانيُّ : لأنَّ الرُّكنَ الأصليَّ للحَجِّ هو الوُقوفُ بعَرفةَ؛ لقولِ النَّبيِّ : «الحَجُّ عَرفةُ» (٢)، أي: الوُقوفُ بعَرفةَ، فمَن وقَف بعَرفةَ فقد تمَّ حَجُّه، أخبَر عن تَمامِ الحَجِّ بالوُقوفِ، ومَعلومٌ أنَّه ليسَ المُرادُ منه التَّمامَ الذي هو ضدُّ النُّقصانِ لأنَّ ذا يثبُتُ بالوُقوفِ نَفسِه، فعُلم أنَّ المُرادَ منه خُروجُه عن احتِمال الفَسادِ والفَواتِ، ولأنَّ الوُقوفَ رَكنٌ مُستقِلٌّ بنَفسِه وُجودًا وصِحةً لا يَقِفُ وُجودُه وصِحتُه على الرُّكنِ الآخَرِ، وما وُجد ومَضى على الصِحةِ لا يَبطُلُ إلا بالرِّدَّةِ، ولم تُوجدْ، وإذا لم يَفسُدِ الماضي لا يَفسُدُ البقِيةُ؛ لأنَّ فَسادَه بفَسادِه، ولكنْ يَلزمُه بَدنةٌ (٣).

واستدَلُّوا على ذلك أيضًا بقولِ النَّبيِّ في حَديثِ عُروةَ بنِ


(١) «الاستذكار» (٤/ ٢٥٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٩٥)، و «حاشية العدوي» (١/ ٤٨٥)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٦٨)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٦١)، و «الأم» (٧/ ٢٤٤)، و «المجموع» (٧/ ٣٤٩)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٤٥٦)، و «الإفصاح» (١/ ٤٨٧)، و «المغني» (٤/ ٤٦٦).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه الترمذي (٨٨٩)، والنسائي (٣٠١٦)، وابن ماجه (٣٠١٥).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>