للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساءَ، ولا شيءَ عليه، وذلك لأنَّ النَّبيَّ أرخَصَ لِأهلِ السِّقايةِ في تَركِ المَبيتِ وللرُّعاةِ، كما أرخَصَ للضَّعَفةِ الإفاضةَ من جَمعٍ -مُزدَلفةَ- بلَيلٍ، ولو كان واجبًا لم يَسقُطْ إلا لضَرورةٍ، كطَوافِ الوَداعِ، ولا كان العَباسُ يَترُكُ الواجبَ لِأجلِ السِّقايةِ، ولا كان النَّبيُّ يُرخِّصُ له في ذلك.

وفِعلُ النَّبيِّ مَحمولٌ على السُّنةِ تَوفيقًا بينَ الدَّليلَين، ولأنَّ الشَّرعَ لم يَردْ فيه بشيءٍ، ولأنَّ ابنَ عَباسٍ قال: «إذا رمَيتَ الجِمارَ فبِتْ حيثُ شئتَ» (١)، ولأنَّه أحدُ المَبيتَين بمنًى، فلم يَجبْ كالمَبيتِ بها لَيلةَ عَشيَّةِ التَّرويةِ (٢).

وقال ابنُ حَزمٍ : ومَن لم يَبتْ لَياليَ منًى بمنًى فقد أساءَ، ولا شيءَ عليه إلا الرِّعاءَ وأهلَ سِقايةِ العَباسِ، فلا نَكرَهُ لهم المَبيتَ في غيرِ منًى؛ بل للرِّعاءِ أنْ يَرموا يَومًا ويَدَعوا يَومًا.

فعن أبي البَداحِ بنِ عَديٍّ عن أبيه «أنَّ رَسولَ اللَّهِ رخَّص للرِّعاءِ أنْ يَرموا يَومًا ويَدَعوا يَومًا» (٣).


(١) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٩٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٤٥)، و «الهداية وشروحها» (٢/ ١٨٦)، و «المسلك المتسقط» ص (٢٢، ١٥٧)، و «منح الجليل» (٢/ ٢٨٦)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٣٨)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٤٨٩)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٤٩)، و «المدونة» (٢/ ٤١١)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٤٣، ٣٤٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٣١)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ١٩٨)، و «المجموع» (٨/ ١٧٦، ١٧٨)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥٠٥)، و «المغني» (٥/ ٧١، ٧٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٠٥)، و «شرح مسلم» (٩/ ٦٣)، و «شرح الزركشي» (١/ ٥٤٧)، و «الإنصاف» (٤/ ٤٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥١٠)، و «الإفصاح» (١/ ٥٣٤، ٥٣٥).
(٣) رواه أبو داود (١٩٧٦)، وابن ماجه (٣٠٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>