للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصحَّ بهذا الخَبرِ أنَّ الرَّميَ في كلِّ يَومٍ من أيامِ منًى ليس فَرضًا.

وعن ابنِ عُمرَ قال: «إنَّ العَباسَ بنَ عبدِ المُطَّلبِ استَأذنَ رَسولَ اللَّهِ من أجْلِ سِقايَتِه أنْ يَبيتَ بمكةَ لَياليَ منًى فأذِن له» (١).

فأهلُ السِّقايةِ مَأذونٌ لهم من أجْلِ السِّقايةِ، وباتَ بمنًى ولم يَأمرْ بالمَبيتِ بها، فالمَبيتُ بها سُنةٌ، وليس فَرضًا؛ لأنَّ الفَرضَ إنَّما هو أمرُه فقط.

فإنْ قيلَ: إنَّ إذْنَه للرِّعاءِ وتَرخيصَه لهم وإذْنَه للعَباسِ دَليلٌ على أنَّ غيرَهم بخِلافِهم.

قُلنا: لا، وإنَّما كان يَكونُ هذا لو تقدَّم منه أمرٌ بالمَبيتِ والرَّميِ، فكان يَكونُ هؤلاء مُستثنَين من سائرِ مَنْ أُمِروا، وأما إذا لم يَتقدَّمْ منه أمرٌ فنَحنُ نَدري أنَّ هؤلاء مَأذونٌ لهم، وليس غيرُهم مَأمورًا بذلك، ولا مَنهيًّا، فهُم على الإباحةِ.

وعن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ : «لا يَبيتَنَّ أحدٌ من وراءِ العَقَبةِ أيامَ منًى»، وصحَّ هذا عنه وعن ابنِ عَباسٍ مِثلُ هذا؛ وعن ابنِ عُمرَ أنَّه كرِه المَبيتَ بغيرِ منًى أيامَ منًى، ولم يجعَلْ واحِدٌ منهم في ذلك فِديةً أصلًا.


(١) رواه البخاري (١٦٣٤، ١٧٤٥)، ومسلم (٣٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>