فأهلُ السِّقايةِ مَأذونٌ لهم من أجْلِ السِّقايةِ، وباتَ ﵇ بمنًى ولم يَأمرْ بالمَبيتِ بها، فالمَبيتُ بها سُنةٌ، وليس فَرضًا؛ لأنَّ الفَرضَ إنَّما هو أمرُه ﷺ فقط.
فإنْ قيلَ: إنَّ إذْنَه للرِّعاءِ وتَرخيصَه لهم وإذْنَه للعَباسِ دَليلٌ على أنَّ غيرَهم بخِلافِهم.
قُلنا: لا، وإنَّما كان يَكونُ هذا لو تقدَّم منه ﷺ أمرٌ بالمَبيتِ والرَّميِ، فكان يَكونُ هؤلاء مُستثنَين من سائرِ مَنْ أُمِروا، وأما إذا لم يَتقدَّمْ منه أمرٌ ﷺ فنَحنُ نَدري أنَّ هؤلاء مَأذونٌ لهم، وليس غيرُهم مَأمورًا بذلك، ولا مَنهيًّا، فهُم على الإباحةِ.
وعن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ ﵁:«لا يَبيتَنَّ أحدٌ من وراءِ العَقَبةِ أيامَ منًى»، وصحَّ هذا عنه ﵁ وعن ابنِ عَباسٍ مِثلُ هذا؛ وعن ابنِ عُمرَ أنَّه كرِه المَبيتَ بغيرِ منًى أيامَ منًى، ولم يجعَلْ واحِدٌ منهم في ذلك فِديةً أصلًا.