وأجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ لِمن أرادَ الخُروجَ من منًى شاخِصًا عن الحَرمِ، غيرَ مُقيمٍ بمكةَ، أنْ يَنفِرَ بعدَ الزَّوالِ في اليومِ الثاني من أيامِ التَّشريقِ، فإنْ أَحبَّ الإقامةَ بمكةَ قال أحمدُ: لا يُعجِبُني لِمن يَنفِرُ النَّفرَ الأولَ أنْ يُقيمَ بمكةَ.
وكان مالكٌ يَقولُ في أهلِ مكةَ: مَنْ كان له عُذرٌ فله أنْ يَتعجَّلَ في يَومَين، فإنْ أرادَ التَّخفيفَ عن نَفسِه من أمرِ الحَجِّ فلا.
ويَحتَجُّ مَنْ ذهَب إلى هذا بقولِ عُمرَ ﵁: مَنْ شاءَ من الناسِ كلِّهم أنْ يَنفِرَ في النَّفرِ الأولِ، إلا آلَ خُزَيمةَ فلا يَنفِرونَ إلا في النَّفرِ الآخَرِ.
قال عَطاءٌ: هي لِلناسِ عامَّةً، ورَوى أبو داودَ، وابنُ ماجَه، عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمُرَ، أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قال:«أيامُ منًى ثَلاثةٌ، فمَن تَعجَّلَ في يَومَين فلا إثمَ عليه، ومَن تَأخَّر فلا إثمَ عليه»(١).
(١) رواه الأمام أحمد في «مسنده» (٤/ ٣٣٥)، وأبو داود في «سننه» (٢/ ١٩٦) ح (١٩٤٩)، والترمذي (٣/ ٢٣٧) ح (٨٨٩)، وابن ماجه (٢/ ١٠٠٣) ح (٣٠١٥)، وقال الشيخ الألباني ﵀ في «صحيح أبي داود» (١٧٠٣): قُلتُ: إسنادُه صَحيحٌ، وصَحَّحه ابنُ الجارودِ وابنُ حبَّانَ والحاكِمُ، ووافَقه الذَّهبيُّ، وقال سُفيانُ بنُ عُيينةَ: ليس بالكُوفةِ حَديثٌ أشرفُ ولا أحسنُ من هذا.