للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّليلُ الحادي عشَرَ: أنَّ أهلَ العِلمِ قد اتَّفَقوا على عُذرِ الرُّعاةِ والسُّقاةِ في سُقوطِ المَبيتِ وتَأخيرِ الرَّميِ لوُجودِ النصِّ؛ وقد ألحَقَ بعضُ أهلِ العِلمِ بالرُّعاةِ والسُّقاةِ بجوازِ ذلك عامَّةَ أهلِ الأعذارِ، وهذا بلا شكٍّ يَدخلُ فيه من خشَي الزِّحامَ على نَفسِه أو أهلِه أو رُفقَتِه، ومِثلُه خَوفُ النِّساءِ من التَّكشُّفِ أو ظُهورِ العَوراتِ؛ فيَجوزُ لهُنَّ ما جازَ للرُّعاةِ والسُّقاةِ من جَمعِ الجِمارِ ورَميِها في أيِّ ساعةٍ شئنَ من لَيلٍ أو نَهارٍ.

القولُ الثالِثُ: القولُ بالتَّفصيلِ، وهو القولُ بجوازِ الرَّميِ في يَومٍ مُعيَّنٍ دونَ سائرِ الأيامِ الأُخرَى، والقائلونَ بذلك فَريقانِ:

الفَريقُ الأولُ: مَنْ قالوا بأنَّه يَجوزُ الرَّميُ قبلَ الزَّوالِ في اليومِ الثاني عشَرَ، وهو يومُ النَّفرِ الأولِ لِمن أرادَ أنْ يَنفِرَ في ذلك اليومِ، وهذا قَولٌ لِأبي حَنيفةَ ورِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ وإسحاقَ (١) وطاوُسٍ (٢) وقال أبو حَنيفةَ (٣) وطاوُسٌ: إذا رمَى يَنفِرُ قبلَ الزَّوالِ، وعن أحمدَ مِثلُه، وعن الإمامِ أحمدَ: لا يَنفِرُ إلا بعدَ الزَّوالِ، وهو قولُ عِكرِمةَ (٤).

واستدَلُّوا على ذلك: بأنَّ الرَّميَ في هذا اليومِ يَجوزُ دَفعًا للحَرجِ الظاهرِ؛ لأنَّه إذا كان مِنْ قَصدِه التَّعجيلُ فربَّما يَلحَقُه بعضُ الحَرجِ في تأخيرِ الرَّميِ


(١) «المغني» (٥/ ٧٥)، و «الفروع» (٣/ ٣٨٢)، و «الإنصاف» (٤/ ٤٥).
(٢) «التمهيد» (٧/ ٢٧٢)، و «المغني» (٥/ ٧٥).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٦٨)، و «العناية» (٢/ ٥٠٠).
(٤) «التمهيد» (٧/ ٢٧٢)، و «المغني» (٥/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>