للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما بعدَ الزَّوالِ بألَّا يَصلَ إلى مكةَ إلا باللَّيلِ فهو مُحتاجٌ إلى أنْ يَرميَ قبلَ الزَّوالِ ليَصلَ إلى مكةَ بالنَّهارِ فيَرى مَوضعَ نُزولِه فيُرخَّصُ له في ذلك (١).

ولأنَّ مِنْ قَواعِدِ الشَّرعِ أنَّ الضَّرورةَ تُقدَّرُ بقَدرِها؛ ولو سُمِح بالرَّميِ قبلَ الزَّوالِ في يومِ النَّفرِ الأولِ لمَنعِ الضَّررِ، ولحِفظِ الأنفُسِ من الهَلاكِ، والأموالِ من الضَّياعِ، وذلك لِضيقِ وقتِ رَميِ المُتعجِّلِ، أمَّا في اليومِ الحادي عشَرَ فالوقتُ أوسَعُ، والحاجةُ أقلُّ، ولذلك كان تَقديرُ الضَّرورةِ في هذا اليومِ أوْلى (٢).

الفَريقُ الثاني من المُفصِّلينَ قالوا بعَدمِ جوازِ الرَّميِ قبلَ الزَّوالِ إلا في اليومِ الثالِثَ عشَرَ، وهو قَولٌ لِأبي حَنيفةَ ورِوايةٌ عن أحمدَ، وإذا رَمى نفَر على قولِ أبي حَنيفةَ وأحمدَ.

واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:

١ - باعتِبارِ آخرِ الأيامِ بأولِ الأيامِ، فكما يَجوزُ الرَّميُ في اليومِ الأولِ قبلَ زَوالِ الشَّمسِ فكذا في اليومِ الآخَرِ (٣).

٢ - بأنَّ الرَّميَ في اليومِ الرابِعِ يَجوزُ تَركُه أصلًا، فمِن هذا الوَجهِ يُشبِهُ النَّوافلَ، والتَّوقيتُ في النَّفلِ لا يَكونُ عَزيمةً، فلهذا جُوِّز الرَّميُ فيه قبلَ الزَّوالِ، ليَصلَ إلى مكةَ قبلَ اللَّيلِ، وإذا جازَ تَركُ رَميِ الجِمارِ في هذا اليومِ


(١) «المبسوط» (٤/ ٦٨)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٤٩٧).
(٢) انظر: «بحث ابن منيع» ص (٤).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٦٨)، «العناية شرح الهداية» (٣/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>