للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّعيِ بينَ الصَّفا والمَروةِ حتى يَرجعَ إلى أهلِه مُسيئَين، وأنتَ تَقولُ: إنهما إذا رجَعا ففعَلا ما كانا ترَكا من ذلك أنَّ إساءتَهما لا تُوجِبُ عليهما دَمًا؛ لأنَّهما قد فعَلا ما فعَلا من ذلك في وقتِه، فكذلك الرامي اليومَ الثانيَ من أيامِ منًى جَمرةَ العَقَبةِ؛ لِما كان وجَب عليه في يومِ النَّحرِ راميًا لها في وقتِها، فلا شيءَ عليه في ذلك غيرُ رَميِها، فهذا هو النَّظرُ في هذا البابِ، وهو قولُ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ، -رحمهما الله- (١).

وقال الإمامُ مالكٌ : آخِرُ وقتِ الرَّميِ إلى غُروبِ الشَّمسِ من يومِ النَّحرِ، فإنْ رَماها بعدَ الغُروبِ من اللَّيلِ فأَحبُّ إليَّ من أنْ يُريقَ دَمًا، وإنْ أخَّرها إلى أيامِ التَّشريقِ كان عليه هَديٌ.

وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى» ما نصُّه: قلتُ: ما قولُ مالكٍ فيمَن ترَك رَميَ جَمرةِ العَقَبةِ يومَ النَّحرِ حتى إلى اللَّيلِ، قال: قال مالكٌ: من أصابَه مِثلُ ما أصابَ صَفيَّةَ حينَ احتبَست على ابنةِ أخيها فأتَت بعدَما غابَت الشَّمسُ من يومِ النَّحرِ رمَت، ولم يَبلُغْنا أنَّ ابنَ عُمرَ أمَرها في ذلك بشيءٍ، قال مالكٌ: وأمَّا أنا فأرَى إذا غابَت الشَّمسُ من يومِ النَّحرِ على مَنْ كان في مِثلِ حالِ صَفيَّةَ يومَ النَّحرِ ولم يَرمِ حتى غابَت الشَّمسُ أنَّ عليه الدَّمَ.

قال: وقال مالكٌ: مَنْ ترَك رَميَ جَمرةِ العَقَبةِ حتى تَغيبَ الشَّمسُ من يومِ النَّحرِ فعليه دَمٌ.


(١) «شرح معاني الآثار» (٢/ ٢٢١، ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>